22-09-2025 08:30 AM
بقلم : الدكتور يعقوب ناصر الدين
طال أمد هذه الحرب على غزة ، وما كنا نظن أنها ستستمر كل هذا الوقت، وعلى هذا النحو من القتل والدمار والانتهاك للقوانين والأعراف الدولية ، بل وتحظى بكل هذا الدعم المطلق من إدارة الرئيس ترامب، وتوفر لقادتها الحماية من الملاحقة القانونية الدولية ، كل ذلك يقع خارج المنطق لو أن المسألة تتعلق بأزمة أو تطور ضمن السياق العام للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، ولكن يبدو أن ما يجري هو بداية حقبة تاريخية تتجاوز حدود فلسطين التاريخية إلى المنطقة بأسرها، وبكل ما فيها من موروث ديني وقومي وثقافي، وأنه لا رجعة إلى الوراء، كما هو الحال بالنسبة لنتنياهو الذي يقول منتقدوه في إسرائيل إنه سد كل سبل الرجوع ولو خطوة واحدة إلى الخلف !
لم يعد بالإمكان النظر لما يجري غرب الأردن على أنه نوع من إعادة الاحتلال لغزة والضفة الغربية، يترافق مع مشاريع الاستيطان، والتهجير الداخلي، والخارجي إذا أمكن، فالأردن سبق وأن رأى بوضوح ما يجري في إسرائيل وفي المنطقة وفي وقت مبكر جدا، وقد حاول جلالة الملك عبدالله الثاني أن يحذر قادة العالم، ومراكز صنع القرار من أن التيار اليميني اينما كان يهدد قواعد الأمن والاستقرار، ولا يشق مجتمعاته وحسب بل يشق المجتمع الدولي بأسره، وقد يقوده إلى صراعات مباشرة سياسية واقتصادية وحتى عسكرية، فكانت دعوته إلى عدم التفريط بما تبقى من النظام العالمي، وسعيه من أجل جعل الشرعية الدولية قادرة على حل النزاعات، وحاسمة في تحقيق العدالة، بمثابة إنذار مبكر لما حدث وسيحدث، وهي دعوة لقيت صداها لدى الأغلبية الدولية، على الأقل في أبعادها الإنسانية والأخلاقية.
ليس هناك ما يدل على المدى القريب بأن تحولا ما قد يغير الواقع الراهن، خاصة وأن إسرائيل لا تستشعر وجود خطر حقيقي يهدد وجودها، بل إن روح التعالي ونشوة القوة والتفوق تنمو أكثر فأكثر لدى القادة السياسيين والعسكريين والدينيين، وليس فيهم من يلتفت إلى ردود الأفعال على مستوى الرأي العام العالمي، ولا لتحول إسرائيل إلى دولة منبوذة بقيادة متطرفة بلغت في استهتارها حد الاعتداء على دولة قطر الشقيقة مؤخرا بحجة تصفية الوفد الذي تتفاوض معه من حماس بشأن إطلاق سراح الأسرى، وهي حجة واهية بقدر ما هي غبية ولئيمة !
هكذا تتوسع دائرة العدوان الإسرائيلي، ونحن هنا في الأردن معنيون مباشرة في هذا الصراع ومتمسكون بحل الدولتين الذي يمنح الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة على أرضه بعاصمتها القدس الشريف، وقد أصبح هذا الموقف الآن أساسا للحل بعد أن كانت قلة قليلة تفهم وتوافق جلالة الملك على رأيه الحاسم والقائم على أنه ليس هناك من معادلة أخرى غير معادلة حل الدولتين، لتأمين معادلة الأمن والاستقرار في المنطقة كلها، وعلى المدى البعيد سيعرف كل الذين لم يدفعوا بقوة نحو هذا الحل أنهم ارتكبوا خطأ فادحا، وأنهم سيدفعون ثمن غياب العدالة، والكيل بمكيالين، والسكوت على أبشع مقتلة يشهدها التاريخ المعاصر، فالحكمة تقول إن الظالمين يدفعون الثمن، وإن الساكتين عن الظلم يدفعونه مضاعفا!
خلاصة القول نحن أمام صراع طويل جدا، ويبدو أنها حقبة تاريخية كاملة، ونحن في صميم هذا الصراع نحتاج إلى الفهم العميق لكل ما يجري معنا وحولنا، قريبا منا أو بعيدا عنا، ونكون دائما جاهزين للتعامل مع كل الاحتمالات والتغيرات والتطورات.
| 1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-09-2025 08:30 AM
سرايا |
| لا يوجد تعليقات | ||