حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,18 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3896

د. آمال جبور تكتب: القلق الوجودي الإسرائيلي امام الشرق الصاعد: الغارة على الدوحة نموذجًا

د. آمال جبور تكتب: القلق الوجودي الإسرائيلي امام الشرق الصاعد: الغارة على الدوحة نموذجًا

د. آمال جبور تكتب: القلق الوجودي الإسرائيلي امام الشرق الصاعد: الغارة على الدوحة نموذجًا

18-09-2025 11:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. آمال جبور
لم تكن الغارة الإسرائيلية على الدوحة مجرد عملية عسكرية ضد قيادات حماس، بل يمكن قراءتها ضمن سياق أوسع يكشف عمق القلق الوجودي الذي يرافق إسرائيل منذ نشأتها. فهذا الكيان المحاط برفض شعبي ورسمي عربي ما كان ليستمر أو يترسخ لولا المظلة الغربية والحماية الأمريكية، التي وفرت له الغطاءين السياسي والعسكري، غير أن هذه المظلة لم تعد اليوم بالقوة والصلابة نفسها.

مؤخرًا، بدأ يتبلور في الغرب اتجاه متنامٍ نحو الاعتراف بحل الدولتين، حتى داخل دوائر عُرفت بتشدّدها في دعم إسرائيل. وفي الوقت نفسه، يشهد الشرق ملامح مشهد دولي جديد برز في قمة شنغهاي الأخيرة، التي تشير إلى قيام نظام متعدد الأقطاب يسعى لإعادة تشكيل موازين القوى عالميًا وإقليميًا. وهنا تتصاعد مخاوف إسرائيل بعدما أدركت أن النظام العالمي القادم لم يمنحها الامتيازات التي كانت تتمتع بها في ظل الهيمنة الأمريكية المنفردة.

أرى أن الغارة على الدوحة حملت رسائل تتجاوز مجرد استهداف قيادات حماس. الرسالة الأولى هي أن إسرائيل تسعى لجعل الخليج، الغني بالنفط والغاز والممرات البحرية، ساحة غير مستقرة، بما يعرقل أي قوة صاعدة من ترسيخ حضورها هناك أو بناء تحالفات استراتيجية في خاصرتها المشرقية. أما الرسالة الثانية والأخطر، فهي أن كثرة القواعد الأمريكية في المنطقة لم تمنع الضربة، ما يدفع عواصم الخليج إلى مراجعة قناعتها القديمة بأن المظلة الأمريكية ضمانة أكيدة للأمن القومي، ما يدفعها للتفكير في تحالفات بديلة أو موازية مع القوى الدولية الصاعدة في الشرق.
ويضاف إلى ذلك ايضا، هواجس إسرائيل من وجود جوار مباشر مع سوريا الجديدة المدعومة تركيًا، واستمرار المشروع الإيراني رغم الضربات والعقوبات، وحراك الشعبي العربي الذي يضغط نحو موقف رسمي موحد، فضلًا عن الحضور البارز لدول مؤثرة في قمة شنغهاي، بما يوحي بتشكل قوة شرقية جديدة قد تسهم في إعادة رسم قواعد اللعبة الإقليمية بشكل لا يخدم مصلحة إسرائيل.

كل هذه المعطيات يبدو أنها تضاعف من القلق الوجودي الإسرائيلي، إذ تدرك تل أبيب أن أي إعادة ترتيب للنظام الدولي قد تقلص من موقعها الاستراتيجي وتحد من التفوق الذي اعتادت عليه. إسرائيل التي نعرفها تدرك جيدًا أن مستقبلها يرتبط بالمدى البعيد، لكن هذا التفكير الطويل الأمد يكشف عن هاجس لا يفارقها: أن الراعي الأمريكي يتراجع نسبيًا ويفقد حلفاءه، وأن صعود المشرق الجديد بقيادة تكتلات مثل قمة شنغهاي يهدد بإنهاء عصر التفوق الإسرائيلي المطلق. لذلك، تسعى من خلال ضربات نوعية ومثيرة للجدل إلى إرباك الإقليم، وإرسال رسائل ردع، وإثبات أنها قادرة على تجاوز كل الخطوط الحمراء، حتى لو كان ذلك في قلب العاصمة القطرية الطرف المضيف لإنهاء حرب أنهكتها.
هذا المسار يضع مخاطر كبيرة أمام إسرائيل، يضعفها دبلوماسيًا، ويعكر علاقاتها مع الغرب، ويهدد أمن الطاقة في الإقليم، والأخطر أنه قد يسرّع تحوّلًا استراتيجيًا يعزلها أكثر مع تقارب الخليج ودول أخرى نحو بدائل جديدة.
بمعنى آخر، ظهور كتلة قوية في المشرق كما تمثلها قمة شنغهاي يثير وحده قلقًا وجوديًا لدى إسرائيل في جغرافيا لا تنتمي إليها، إذ تخشى أن تؤدي هذه التحالفات الى تقليص نفوذها التقليدي. ورغم محاولاتها الاستباقية لتأكيد تفوقها، إلا أن التحولات الإقليمية وموازين القوى المتغيرة تجعل مستقبلها مسكوناً بالقلق.

صحفية وكاتبة أردنية











طباعة
  • المشاهدات: 3896
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-09-2025 11:38 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم