بقلم : الدكتور فارس العمارات
تتضمن الهوية الوطنية العامة الحقوق الاجتماعية والسياسية والاقتصادية؛ ومن خلال هذه الحقوق يمكن أن تتواجد هويات صغيرة (فرعية) مع بعضها البعض بحرية ومساواة، مع احترام حقوق الأغلبية وضمان حقوق الأقلية. ويتوقف ذلك على الدعم المتبادل والمساواة والتكامل، مما يعكس وجود تنوع ضمن وحدة واحدة، وليس صراع أو تنافس. كان الاتجاه السائد في الثقافة المسيطرة يميل إلى عدم تقدير الخصوصيات أو التقليل من قيمتها، بالإضافة إلى عدم الاكتراث بحقوق الجماعات الثقافية، سواء كانت قومية أو دينية أو لغوية أو غير ذلك.
والهوية الوطنية تشير إلى روابط الحب والانتماء للوطن، لذلك تلعب دورًا هامًا في توضيح من يُعتبر مواطنًا صالحًا، والذي يتمثل في ولاء الوطن والفخر بالثقافة والتراث، وتعاون أبناء الأمة للعمل معًا من أجل حماية الوطن والدفاع عنه عند الأزمات، والسعي لرفعته. كما تتجلى الهوية الوطنية من خلال احترام الأفراد للقوانين المعمول بها في بلادهم، وهو نتيجة لحرصهم على وحدة الوطن وأمنه وسلامته.

لا يمكن للفرد أن يؤدي هذه الواجبات إلا إذا كان يعتز بهويته الوطنية، وفي مقابل ذلك يجب أن يحصل على الحقوق التي تقدمها له الدولة، والتي تتجلى من خلال مظاهر الهوية الوطنية. تُعتبر الهوية الوطنية هي القاعدة التي تحدد مسؤوليات الأفراد والمجتمع، مما يعزز لديهم مفهوم الانتماء وحب الوطن. ومن ثم، يمكن للأفراد الوفاء بالتزاماتهم تجاه الوطن عبر الحفاظ عليه وتنفيذ توجيهات الدولة بشكل سليم، اعتمادًا على شعورهم بالمسؤولية. ويشكل الانتماء للوطن مكونًا أساسيًا في مبدأ حمايته، ومن ثم تتشكل الهوية الوطنية للفرد من خلال هذه العناصر.
أما الهوية الوطنية الأردنية، بشكل خاص، وفي كل دولة بشكل عام، فهي تتكون من صفات وعلامات تميزها، وتعكس شعور الانتماء لدى مواطنيها. وتعتبر هذه الهوية مهمة للنمو والارتقاء والازدهار للأمم وبدونها تفقد الدول معاني وجودها واستقرارها، بل قد تبدو غير موجودة. وهناك عناصر أساسية يجب أن تتواجد في الهوية الوطنية، وبعضها قد يختلف من دولة لأخرى.
وتعتبر الهوية الوطنية مفهومًا معقدًا: فهي تشمل القيم المشتركة والتراث الثقافي والتاريخ والشعور بالانتماء بين المواطنين، وتشير إلى الانتماء والولاء لمجموعة من الناس الذين يشاركون في عادات وتقاليد وقيم ولغة وتاريخ ودين وأصول جغرافية مشتركة. وتعد الهوية الوطنية عنصرًا هامًا في تشكيل الهوية الشخصية للفرد وتحديد انتماءاته الاجتماعية والثقافية. تشكل الهوية الوطنية جزءًا أساسيًا من الهوية الشخصية للفرد وتؤثر في أفعاله وآرائه ومعتقداته ومشاعره.
وتتأثر الهوية الوطنية بعدة عوامل منها: التاريخ والثقافة، حيث يلعبان دورًا حاسمًا في تشكيل الهوية الوطنية، ويمكن أن تكون الأحداث التاريخية والتقاليد الثقافية أساسية في هذا السياق. وتلعب اللغة دورًا رئيسيًا في تحديد الهوية الوطنية، حيث تعتبر وسيلة التواصل المشتركة بين أفراد المجموعة الوطنية وعاملاً هامًا في بناء الانتماء. وقد يكون الدين جزءًا مهمًا من الهوية الوطنية لبعض الأفراد، حيث يشكل جزءًا من الهوية الثقافية والتاريخية والاجتماعية. وتعكس الأصول الجغرافية أيضًا عاملًا مهمًا في تحديد الهوية الوطنية، حيث يمكن أن تكون الميزات الجغرافية المشتركة مصدرًا للانتماء الوطني.