15-09-2025 02:04 PM
سرايا - في أعقاب الهجوم الإسرائيلي على قطر في التاسع من ديسمبر 2024، كشفت التصريحات الرسمية عن فشل أنظمة الدفاع الجوي المتطورة، بما في ذلك بطاريات "باتريوت" و"ثاد" الأمريكية، في رصد الصواريخ الإسرائيلية أو اعتراضها.
وقد صرّح رئيس الوزراء القطري بأن الأسلحة الإسرائيلية تمكنت من اختراق أنظمة الرادار دون أن يتم رصدها، على الرغم من الاستثمارات الضخمة في هذه الأنظمة. وأشارت التحليلات إلى أن الصواريخ المستخدمة كانت طويلة المدى وأُطلقت من خارج المجال الجوي القطري، مما يعكس محدودية القدرات الدفاعية حتى لأكثر الدول تسليحاً.
هذا الفشل لم يكن معزولاً، بل كشف عن خلل هيكلي في الاعتماد على الأنظمة الغربية، التي قد تُعطّل عن بُعد أو تكون غير فعّالة ضد التهديدات الإسرائيلية بشكل ممنهج، كما ذكرت تقارير تركية.
العميد الركن المتقاعد خالد الزهراني، محلل الشؤون الاستراتيجية، علق على الحادثة قائلاً: "ما حدث في قطر هو تأكيد أن سيادة الدول مرهونة بإرادة القوى المسيطرة على هذه الأنظمة. الاستثمار بمليارات الدولارات في أنظمة يمكن إيقافها عن بُعد هو مقامرة وجودية خاطئة".
التداعيات الإقليمية: دروس للدول المعتمدة على الحماية الغربية
الحادثة القطرية مثلت صفعة استراتيجية لدول الخليج التي تعتمد بشكل شبه كلي على المظلة الأمريكية، وتستثمر مليارات الدولارات في أنظمة قد تُغلق عن بُعد في اللحظة الحاسمة، تاركةً سماءها عاريةً أمام أي تهديد، خاصةً إذا كان مصدره إسرائيل. هذا السيناريو يجب أن يكون جرس إنذار قوي لكل دولة في المنطقة تسعى لبناء سيادتها وأمنها القومي بعيدًا عن الهيمنة الغربية، وعلى رأس هذه الدول سوريا المستقبل.
بعد سقوط نظام بشار الأسد في ديسمبر 2024، شنّت إسرائيل حملة عسكرية مكثفة ضد سوريا، مستغلةً الفراغ الأمني والسياسي. وفقًا لتقارير الجزيرة، نفذت إسرائيل أكثر من 500 غارة جوية منذ سقوط النظام، استهدفت فيها البنية العسكرية السورية بشكل شبه كامل، وشملت هذه الغارات تدمير الطائرات والمروحيات، حيث دُمرت عشرات الطائرات المقاتلة (مثل ميغ 29 وسوخوي 24) والمروحيات الروسية، خاصة في مطار المزة العسكري بدمشق. كذلك الأمر ما يخص أنظمة الدفاع الجوي، فقد قامت اسرائيل بتدمير أنظمة إس 200 وإس-300 الروسية ومنظومات "بانتسير-إس1".
هذه الهجمات حوّلت الجيش السوري من قوة إقليمية إلى هياكل محطمة، حيث فقد ما يقدر بـ70-80% من أسلحته الاستراتيجية، وفقًا لتقارير ويكيبيديا. كما احتلت إسرائيل أجزاء من جنوب سوريا، بما في ذلك مناطق في محافظة القنيطرة وجبل الشيخ، مما زاد من تعقيد المشهد الأمني.
سوريا المستقبل: إعادة البناء العسكري على أسس جديدة
بعد سنوات من الحرب الدموية والتدمير الشامل، تواجه سوريا تحديًا وجوديًا يتمثل في إعادة بناء مؤسستها العسكرية من الصفر تقريبًا. جزء أساسي من هذا البناء هو إنشاء نظام دفاع جوي فعال ومستقل يحمي عملية إعادة الإعمار ويحمي السيادة الوطنية من انتهاكات جوية، والتي كانت سمة بارزة للنزاع. وبهذا الصدد، يجب على المخططين الاستراتيجيين السوريين التعلم من دروس الماضي وما يحصل في المنطقة حاليًا.
على سوريا تجنب الانتحار الاستراتيجي الناتج عن الاعتماد على مصدر تسليح واحد خاضع لأجندة سياسية متقلبة، وبدلاً من العودة إلى المعسكر الروسي التقليدي كخيار سهل، عليها تبني سياسة تنويع مصادر التسليح كما فعلت تركيا التي تحدت الضغوط الأمريكية وعقوباتها باقتناء نظام S-400 الروسي، مما مثل بياناً سياسياً وعسكرياً قوياً للسعي نحو الاستقلال في صنع القرار الأمني، حيث يؤكد العميد الزهراني أن الحادثة القطرية أعطت تركيا الحق بأثر رجعي، وأن هذا هو المسار الذي يجب على سوريا انتهاجه.
لا يعني التنويع التخلي عن الحليف الروسي أو التوجه نحو الغرب والسلاح الغربي، بل تعدد القدرات بشراء أنظمة من مصادر متعددة لخلق تكامل وتداخل في الطبقات الدفاعية. هذا يضمن أن لا يؤدي تعطل أو إيقاف نظام واحد إلى انهيار كامل الشبكة. العميد الزهراني يختم بالتشديد على أن الاستقرار المستقبلي لسوريا مرهون بامتلاكها جيشاً رادعاً، وأن عنصر الردع الجوي هو الأهم في البيئة العسكرية للمنطقة: "الاعتماد على حليف وحيد، أو وهم الحماية الغربية ضد إسرائيل، هو وهم قاتل يجب تجنبه".
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-09-2025 02:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |