حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,15 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 5867

المحامي بشار محمد البطوش يكتب: تحويل كليك بالخطأ والجزاء القانوني

المحامي بشار محمد البطوش يكتب: تحويل كليك بالخطأ والجزاء القانوني

المحامي بشار محمد البطوش يكتب: تحويل كليك بالخطأ والجزاء القانوني

15-09-2025 08:35 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي بشار محمد البطوش
خدمة كليك (CliQ) هي أحدث نظام دفع فوري، تقدمه الشركة الأردنية لأنظمة الدفع والتقاص (جوباك)، فهي تتيح إرسال واستقبال الأموال بين الحسابات البنكية، ومن وإلى المحافظ الإلكترونية من خلال تطبيقات البنوك. سابقاً كانت مجانية، والآن أصبحت مدفوعة لبعض التحويلات.

تشكل هذه الخدمة نقلة نوعية بالتعامل المالي، وتوفر الوقت والجهد على المستخدمين، وتكاد تخلو من السلبيات، بإستثناء من يرى أنها مدفوعة لبعض الحالات، وقد يزيد رسم الخدمة مستقبلاً، مقابل ما حققته من إيجابيات على كافة الأصعدة، بل وفرت خدمة التتبع الأمني بما يساهم بكشف التحويلات المشبوهة وغسل الأموال، وتعزز سياسة (إعرف عميلك) التي تمكن البنوك من كشف التضخم غير المبرر بأرصدة العملاء.

وكأي خدمة تقنية إلكترونية، يجب التعامل معها بحرص، فهي أداة دفع تقوم مقام النقد، لذلك، فمن السهل حدوث خطأ بالإرسال، فكيف يتم ذلك، وكيف السبيل لإسترجاع المبلغ المرسل؟، ولتكرار حدوث هذا الأمر مؤخراً، جاء هذا المقال لرفع الوعي القانوني حيال التعامل معه.

تقوم خدمة كليك، على وجوب معرفة إسم المرسل إليه، وإختيار أسلوب الإرسال له، أما بإستخدام رقم هاتفه، أو الإسم المستعار له، وبحال حدث خطأ بالإرسال، يفترض بمن وصله المال؛ المبادرة - أخلاقياً - بالتواصل مع بنكه، أو الشركة التي تتبع لها محفظته الإلكترونية لإعادة المال لصاحبه، وأما إذا رفض إعادة المبلغ أو أنكره، فيوجد خيارات متاحة للتعامل مع ذلك.

طالما أن التحويل تم من خلال تطبيقات البنوك، فبعض التطبيقات - وليس جميعها - توفر للمرسل إليه خيار إعادة المبلغ للمرسل؛ بينما لا توفر هذه الخدمة للأخير، ولكن يستطيع المرسل إذا لم يدخل المبلغ المرسل في حساب المرسل إليه لأي سبب، الطلب من بنكه التواصل مع بنك المرسل إليه، أو مزوّد خدمة المحفظة لطلب إلغاء الإرسال، ولكن إذا وصل المبلغ للحساب، فيطلب منهم إرجاعه ودياً من عميلهم، فالبنوك لا تملك سحب المبلغ من حساب العميل إلا بموافقته، أما إذا لم ينجح الخيار الودي؛ فنذهب إلى الخيار القضائي.

لم يتضمن قانون العقوبات رقم 16 لسنة 1960، وقانون الجرائم الإلكترونية 17 لسنة 2023 نص خاص لهذه الحالة، ولكن لا يجوز ترك الفعل دون جزاء، ففيه إضاعة لحقوق الناس، وتكريس لأفعال مخالفة بالمجتمع، لذا، نعود للنصوص الجزائية بقانون العقوبات، لإنزال وقائع الموضوع عليها، فرغم قدم بعض نصوصه، لكنها تستوعب ما يستجد من جرائم بقدر معين، وبالرجوع للمادة 424 فيه، فقد نصت على ما يعرف بجريمة (كـتّـم الـلُـقَـطَـة) وجاء فيها (كل من تصرف تصرف المالك في أي شيء منقول دخل في حيازته بسبب هفوة حصلت من المالك، وكان يعلم أنه حصل عليه بتلك الصورة وكتمه، أو رفض إعادته يعاقب بالحبس حتى 6 أشهر أو بغرامة حتى 50 ديناراً)، فهذه الجريمة تعتبر جريمة (جنحة) ملحقة بجريمة إساءة الأمانة؛ بإعتبار أن من وصله المال بهفوة من صاحبه، يفترض أن يكون أميناً عليه لحين معرفته وإعادته له، وإذا رفض ذلك، يصبح فعله مجرم قانوناً ويستوجب العقاب، ناهيك عن كونه يعتبر فعل محرّم بالأديان كافة، ومنافٍ للأخلاق.

وحيث أن التحويلات المالية تتم من خلال تطبيقات البنوك على الهواتف الخلوية، والخدمات البنكية الإلكترونية على شبكة الإنترنت، كذلك تطبيقات المحافظ الإلكترونية (زين كاش، أورانج موني، دينارك، يووليت)، مما يظهر الجريمة عبر المجال الإلكتروني، فهذا يستدعي إعمال قانون الجرائم الإلكترونية، حيث نصت المادة 26 منه (كل من إرتكب أي جريمة لم يرد عليها نص في هذا القانون، ومعاقب عليها بموجب أي تشريع، بإستخدام الشبكة المعلوماتية، أو تقنية المعلومات، أو نظام المعلومات، أو موقع الكتروني، أو اشترك أو تدخل أو حرض على إرتكابها، يعاقب بالعقوبة المنصوص عليها في ذلك التشريع).

وبذلك تملك المحكمة الجزائية إنزال النصوص القانونية أعلاه فيما يعرض عليه من نوازل ناتجة عن تحويلات خاطئة بين المتعاملين، لكن يبقى الجزاء فقط الحبس أو الغرامة، ولك أن تتخيل بأن قيمة التحويل كبيرة والغرامة 50 دينار فيما لو إختارت المحكمة فرض الغرامة التي تذهب للخزينة بدلاً عن الحبس، لذا، فالعقوبة غير رادعة، ولا تكفي لوحدها لإعادة المبلغ، فكيف يمكن إعادته نقداً من المرسل إليه إلى جانب العقوبة؟.

وفّـر قانون أصول المحاكمات الجزائية رقم 9 لسنة 1961 وسيلة قانونية لمرسل المال لمطالبة المرسل إليه بقيمته، فخروج المال من صاحبه نتيجة الجرم المرتكب من المرسل إليه شكّل ضرر ومن حق المضرور المطالبة بجبر الضرر إلى جانب إنزال العقوبة، حيث نصت المادة 55 بهذا القانون (لكل شخص يعد نفسه متضرراً من جراء جناية او جنحة، أن يقدم شكوى يتخذ فيها صفة الإدعاء الشخصي إلى المدعي العام أو للمحكمة المختصة)، وبهذا، يستطيع من أرسل المال بالخطأ، تقديم مطالبة على شكل إدعاء بقيمته ضمن الشكوى الجزائية، ويسترجعه مع الحكم الجزائي، مع الرسوم والمصاريف التي تكبدها، وأتعاب محاماة التي تحكم بها المحكمة الجزائية، وينفذ هذا الحكم بدائرة التنفيذ، ويدفع دفعة واحدة ولا يخضع للتقسيط، ويجوز فيه الحبس المدني حسب قيمته كونه إدعاء ناشئ عن جرم جزائي، والحجز ومنع السفر وفقاً لأحكام قانون التنفيذ.

أما إذا سقطت جريمة (كتم اللقطة) وفقاً للمادة 424 من قانون العقوبات، سواء بالتقادم، أو بالعفو، أو بوفاة الجاني وفقاً لقانون أصول المحاكمات الجزائية؛ وتمادى من وصله المال بعدم إعادته لصاحبه، فيمكن إقامة دعوى مدنية مستقلة للمطالبة به وفقاً للقانون المدني رقم 43 لسنة 1976 باب (الإثراء بلا سبب)، حيث نصت المادة 293 منه (لا يسوغ لأحد أن يأخذ مال غيره بلا سبب شرعي، فان أخذه فعليه رده)، والمادة 294/1 بذات القانون (من كسب مالاً من غيره بدون تصرف مكسب، وجبت عليه قيمته لهذا الغير ما لم يقض القانون بغير ذلك).

وعليه، يمكن للمرسل وقد أصبح (دائناً)، إقامة دعوى ضد من وصله المال بالخطأ كونه أصبح (مديناً)، وأساس الدعوى إنتفاء السبب المشروع لقبض المال، وموضوع الدعوى (إلزام برد قبض شيء بغير حق) وفقاً للمادة 300 من القانون المدني، حيث تملك المحكمة المدنية بموجبها إلزام من قبض شيئاً بغير حق أن يرده إلى صاحبه، ولها علاوة على ذلك أن تأمر برد ما جناه القابض من مكاسب أو منافع، ولها أيضاً أن تعوض صاحب الحق لقاء ما قصر القابض في جنيه، ويقع عبء الإثبات على المرسل إليه بوجود سبب شرعي لأحقيته بالمبلغ، وإذا أخفق بذلك، يصبح ملزماً برده، على أن ترفع هذه الدعوى خلال 3 سنوات من اليوم الذي علم فيه صاحب المال بحقه بالرجوع على من قبض المال دون وجه حق، وبجميع الأحوال لا تسمع الدعوى بمضي 15 سنة من اليوم الذي نشأ فيه حق الرجوع وفقاً للمادة 311 من القانون المدني، وبعد ذلك، تسقط دعوى المطالبة بالمال بالتقادم، ويفقد الحماية القانونية، ويبقى الوازع الديني والأخلاقي هو السبيل الوحيد لإعادة المبلغ لصاحبه.

المحامي بشار محمد البطوش
basharkj@gmail.com











طباعة
  • المشاهدات: 5867
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-09-2025 08:35 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الاتصال الحكومي بقيادة الوزير محمد المومني؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم