حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,15 سبتمبر, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 2889

أمسية أدبية تحتفي بـجرعتان والبقية تفاصيل القاص محمد الصمادي

أمسية أدبية تحتفي بـجرعتان والبقية تفاصيل القاص محمد الصمادي

أمسية أدبية تحتفي بـجرعتان والبقية تفاصيل القاص محمد الصمادي

15-09-2025 08:16 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - نظمت لجنة القصة والرواية في رابطة الكتاب ندوة حول المجموعة القصصية «جرعتان والبقية تفاصيل»، للقاص محمد الصمادي، وذلك يوم الأربعاء الماضي، في مقر الرابطة بجبل اللويبدة.

وقدّمت الدكتورة دلال عنبتاري قراءة نقدية معمقة المجموعة، متتبعة خيوطها الفنية والموضوعية. كما قدّم الأستاذ الكاتب أحمد شطناوي قراءة نقدية أخرى أضاءت من زاوية مختلفة على عالم الصمادي القصصي.

فيما قدم الصمادي شهادة إبداعية مؤثرة، حملت عنوان «سيرة الضوء والطين»، سرد فيها رحلته مع الكتابة والحياة بصوتٍ مليء بالصدق والشاعرية. وجاءت شهادته على النحو التالي:

«البدايات – صرخة في الفراغ:

«وُلدتُ من صرخة لم أخترها. ألقت بي يدٌ غريبة إلى هذا المسرح المزدحم بممثلين لم يُسلّمني أحدٌ منهم نصّ دوري. منذ البداية، كان جسدي يتنفّس وروحي تبحث عن تفسير لمجيئي. في طفولتي، التي كانت مختبرًا للأسئلة قبل أن تكون مسرحًا للبراءة، كنت أبحث عن المعنى في حجر أتعثر به، في طائر يحلّق، في ظل شجرة يتلاعب به الزمن. بيتنا الطيني المتصدّع والجبل الصامت كانا مدرستي الأولى؛ تعلّمت من تشققات الجدار أن كل شيءٍ إلى زوال، وأن الزمن هو المعلم الأكبر. هناك، بين الضوء الذي يغري بالطيران والطين الذي يذكّر بالهشاشة، بدأت رحلتي: نصف جناح ونصف ثقل، نصف حلم ونصف موت مؤجل.

أسئلة الغربة والدم:

دخلت المراهقة كمن يدخل ممرًا من المرايا المتقابلة، كل مرآة تعكس وجهًا لا أعرفه. تراكمت الأسئلة كغيوم قبل العاصفة: لماذا أنا هنا؟ هل الحب خلاص أم فخ؟ كان الأصدقاء شموعًا تضيء لحظة ثم تنطفئ، تاركة فراغًا في العتمة. كل وداعٍ نزع قطعة من قلبي. وفي الحب، لم أرَ المحبوبة بل رأيت نفسي لأول مرة؛ اكتشفت أنه جرح مؤجل، لهيب يحرق ببطء. أدركت أن الغربة ليست في الجغرافيا، بل هي رحلة في أعماقك بلا خريطة، محاطًا بالوجوه وأنت تختنق في وحشة روحية.

العمل والخذلان:

ستون عامًا من الوفاء: للتراب، للجبال، للوجوه التي لن تتذكرني. عملت وحلمت، لأثبت أن لوجودي وزنًا، فقط لاكتشف أن الوفاء يتبخر بين الأصابع كالدخان. رأيت الوعود تتهاوى كأوراق الخريف، والكلمات تتكسر في أفواه ناطقيها. فهمت أن الصمت وحده هو الوفي، وأن الزمن كاشف لا يرحم.

الفقد والموت:

رحل الأصدقاء، فارقني الأحبة، تحولت الوجوه إلى صدى. كل رحيل ترك حفرة، وكل صمت أصبح نداءً لا ينقطع. أصبح الموت ظلاً مرافقًا، صديقًا يهمس أن النهاية ليست انطفاءً، بل انتقالاً. أحفر في الذاكرة عن أصواتهم فلا أجد سوى صدى خطوات وابتسامات في ذكريات شاحبة. كل شيء يختفي، وكل شيء يظل.

مواجهة العدم:

«في المواجهة النهائية، أمام العدم، تتساوى كل الأرواح وتذوب كل المراتب. سألته: لماذا تبتلعنا؟ أجاب: لأنكم لا تنتمون. قلت: ولمن ننتمي إذن؟ قال: للرحلة فقط. هنا أدركت أن الحياة ليست سوى تدريب على أن نكون، على أن نتحمل الغياب ونحتضن الفراغ. وأن كل لحظة وعي، حتى المؤلمة منها، هي حياة.

الخاتمة المفتوحة:

أقف الآن أمام مرآة بلا وجه. أسلّم أمتعتي: ذاكرة بالية، كتبًا صفراء، صورًا لوجوه لم تعد تشبهني. أترك لكم هذه الشهادة، رحلة كائن عبر الضوء والطين، لأقول: لقد قلت ما استطعت قوله، وتركت الباقي للصمت، للعدم، للرحلة. لم أترك أثرًا إلا صدى يتردد في هواء غريب، لكني راضٍ.»

اختتمت الأمسية التي حظيت بمتابعة متميزة من أعضاء الرابطة والجمهور المهتم، بتفاعل كبير مع ما ورد في الشهادة والقراءات النقدية، مؤكدة على عمق التجربة الإبداعية للقاص الصمادي وقدرته على صياغة الأسئلة الوجودية بلغة شعرية مؤثرة.











طباعة
  • المشاهدات: 2889
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
15-09-2025 08:16 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم