بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
يحتل سلاح الجو الملكي الأردني مكانة مركزية في منظومة الأمن والدفاع الوطني، ويشكّل أحد أبرز أعمدة الردع الاستراتيجي للمملكة. هذا الموقع المتميز لم يأتِ من فراغ، بل كان ثمرة رعاية ملكية متواصلة، جسّدها جلالة الملك عبد الله الثاني القائد الأعلى للقوات المسلحة من خلال متابعته المباشرة لشؤون السلاح، وحرصه على تعزيز قدراته وتطوير جاهزيته بما يواكب التحديات الإقليمية والدولية.

لقد حرص جلالة الملك على أن يكون حاضرًا في مختلف محطات مسيرة سلاح الجو، فافتتح مراكز تدريب متقدمة مثل سرب تدريب القتال الجوي التشبيهي في قاعدة الشهيد الطيار موفق السلطي الجوية، ورعى تخريج الدورات القتالية التحويلية، موجّهًا رسائل واضحة بأن بناء القدرات البشرية لا يقل أهمية عن تطوير المنظومات التكنولوجية. هذا النهج الملكي رسّخ لدى الطيارين والفنيين روح الانتماء العالي والاعتزاز بالواجب.

كما أن زيارات جلالته التفقدية لقيادة سلاح الجو ومختلف القواعد الجوية تعكس متابعة دقيقة لمستوى الجاهزية، وحرصًا على الاطلاع المباشر على سير العمليات والتدريب. وفي كل مناسبة يعبّر جلالته عن فخره واعتزازه بمنتسبي السلاح، وبالمعنويات العالية التي يتمتعون بها في أداء مهامهم، ما يعزز الثقة المتبادلة بين القيادة والكوادر العسكرية.

أما على صعيد التطوير والتحديث، فقد شهد سلاح الجو نقلة نوعية في المعدات والبرامج التدريبية، وبرز ذلك من خلال الإنجازات الدولية مثل حصوله على جائزة العرض الثابت في المعرض الدولي Air Tattoo، فضلًا عن المناورات المشتركة مع الدول الصديقة، ومنها مناورة Agile Oryx التي جمعت مقاتلات إف-16 الأردنية مع مقاتلات تايفون البريطانية، مؤكدة جاهزية الأردن للاندماج العملياتي مع الشركاء الدوليين.

ولا يقتصر دور سلاح الجو الملكي على المهام العسكرية التقليدية، بل يمتد إلى أدوار إنسانية وخدمية، كالإغاثة الجوية، مكافحة الحرائق، ونقل المساعدات الطبية واللوجستية، وهو ما ينسجم مع الرؤية الملكية في أن تكون القوات المسلحة سندًا للمجتمع إلى جانب دورها الدفاعي.

وفي موازاة ذلك، عزز الأردن منظومة دفاعه الجوي المتكامل، عبر مزيج من أنظمة بعيدة المدى مثل “باتريوت”، ومتوسطة مثل “هوك”، وقصيرة المدى كـ”أفنجر” و”الشابرال”، مدعومة بنظام القيادة والسيطرة المتطور OMNYX C4I الذي يتيح إدارة المجال الجوي بوعي ظرفي متكامل. كما خطت المملكة خطوات متقدمة في مجال مواجهة الطائرات المسيّرة، بافتتاحها أول موقع إقليمي لاختبار الأنظمة الجوية غير المأهولة وتطوير قدرات الحرب الإلكترونية.

إن ما يميز التجربة الأردنية أن هذا التطوير الشامل يتم وفق رؤية متوازنة، يقودها جلالة الملك، ويتابع تنفيذها رئيس هيئة الأركان المشتركة وكبار القادة العسكريين، بما يضمن بقاء سلاح الجو الملكي في طليعة القوات القادرة على حماية سماء المملكة وتحقيق الردع الاستراتيجي. وللباشا يوسف الحنيطي الطيار المخضرم رئيس هيئة الاركان المشتركة لقيادة الجيش دور كبير بمواكبة التطوير والتحديث ضمن الرؤية الملكية لهذا السلاح

وبذلك، فإن سلاح الجو الملكي الأردني لم يعد مجرد قوة عسكرية وطنية، بل أصبح نموذجًا متكاملًا في الكفاءة والجاهزية، ورسالة ثقة بأن سماء الأردن محمية بإرادة قيادته، وكفاءة رجاله، وتطور قدراته الدفاعية.