07-09-2025 01:39 PM
سرايا - تعيش السلطة الفلسطينية في مدينة رام الله (العاصمة السياسية) بالضفة الغربية المحتلة، أخطر وأصعب مراحلها منذ إعلان وجودها، في ظل تحركات أمريكية وإسرائيلية خلف الكواليس لتعجيل في إسقاطها والبحث عن سلطة بديلة بشخصيات أخرى جديدة.
ورغم أن السلطة في رام الله حتى هذه اللحظة تُظهر مدى تماسكها وثابتها أمام هذه الموجة الخطيرة والغير المسبوقة من التهديدات التي تستهدف وجودها على الأرض، إلا أن التحركات الخفية أكبر بكثير من هذا التماسك وقد تُساهم بشكل كبير وقريب لإحداث زلزال في السلطة وقلبها رأسًا على عقب.
الهجمة الأمريكية- الإسرائيلية، على السلطة اشتدت في الأسابيع الأخيرة، ووصلت حتى لإعلان الإعلام العبري أن وجودها بات يشكل عقبة كبيرة في وجه مخططات “تل أبيب” وواشنطن، وأن قرار السقوط قد يصدر قريبًا، فيما كان لجهاز “الموساد” الإسرائيلي توجهًا آخر قد يعطل المخطط لأسابيع أو شهور.
وجاء قرار الإدارة الأميركية برفض منح تأشيرات دخول للرئيس محمود عبّاس والوفد المرافق له إلى نيويورك، للمشاركة في الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، ليشكل تطورًا سياسيًا لافتًا، يحمل في طياته دلالات أبعد من مجرد إجراء بروتوكولي.
الكاتب هاني المصري يرى في مقال له أنّ هذه الخطوة ليست سوى عقوبة على المسار الذي اتخذته القيادة الفلسطينية في الأسابيع الأخيرة، خصوصًا محاولاتها الدفع باتجاه اعتراف دولي واسع بالدولة الفلسطينية.
وبينما يعيد هذا المشهد إلى الأذهان سابقة عام 1988، عندما رفضت واشنطن منح تأشيرات للرئيس الراحل ياسر عرفات بعد إعلان قيام دولة فلسطين، إلا أنّ المصري يؤكد أنّ الفارق كبير: آنذاك لم يكن هناك اتفاق أوسلو ولا سلطة فلسطينية مرتبطة بشبكة التزامات، في حين أن "إسرائيل" دفنت التزاماتها منذ زمن بعيد تحت ركام الاستيطان.
– انهيار السلطة
لا يكتفي المصري بالتوصيف، بل يطرح سؤالاً حول كيفية الرد الفلسطيني، فهو يرى أن الاكتفاء بالانتقاد والمطالبة بالتراجع عن القرار لن يجدي، بل المطلوب مسار سياسي بديل، أساسه الرهان على الشعب الفلسطيني وحلفائه في العالم.
ويدعو إلى تحويل خطاب رئيس السلطة محمود عبّاس من نيويورك إلى جنيف، كما فعل عرفات سابقًا، باعتبار أنّ الساحة الأممية لم تعد متاحة بالقدر الكافي أمام الفلسطينيين، فيما تتسارع على الأرض خطط إسرائيلية لإعادة الاستيطان في غزة، ومنع السلطة من العودة إليها، ومواصلة سياسات الضم والإبادة والتهجير.
ويشير المصري إلى أن التطورات لا تنفصل عن خطاب وزير الجيش الإسرائيلي السابق آفي ديختر، الذي دعا علنًا إلى تهجير نحو 1.7 مليون فلسطيني من غزة. هذا الخطاب، كما يوضح، يعكس جوهر السياسة الإسرائيلية: استهداف الشعب الفلسطيني برمّته، لا فقط القوى المقاومة.
ويضع الكاتب هذه التصريحات في سياق لقاءات أميركية–إسرائيلية في البيت الأبيض، شارك فيها جاريد كوشنر وتوني بلير، تزامنت مع طرح مشاريع مثل “الريفييرا في غزة”.
بالنسبة له، هذه مؤشرات على أنّ الخطة الشاملة تقوم على تفكيك الجغرافيا والديموغرافيا الفلسطينية، بما في ذلك الضفة الغربية التي يُعاد تفتيتها إلى “إمارات سكانية” معزولة.
يذهب المصري أبعد في تحليله، ليعتبر أن السلطة الفلسطينية نفسها لم تعد تملك مقومات البقاء. فالمشهد في الضفة الغربية، من تدمير مخيمات الشمال إلى إقامة مواقع عسكرية إسرائيلية ثابتة، مرورًا بتقليص صلاحيات مؤسسات السلطة لصالح “الإدارة المدنية”، يكشف عن مشروع منظم لدفعها نحو الانهيار.
وبحسب المصري، لم يعد المطلوب من السلطة الاكتفاء بالتنسيق الأمني أو منع المقاومة، بل الاستسلام الكامل لشروط واشنطن و”تل أبيب”، وهو ما يضعها أمام اختبار وجودي يهدد بتغيير بنيتها أو تفتيتها بالكامل.
ويحذّر المصري من أن الخطوة الأميركية الأخيرة قد تمثل مقدمة لسيناريو أكثر خطورة: سحب الاعتراف الأميركي بالمنظمة والسلطة.، فالمسار بدأ، كما يذكّر، منذ إدارة ترامب الأولى: إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، نقل السفارة الأميركية إلى القدس، إغلاق القنصلية الأميركية، ووقف معظم أشكال الدعم المالي.
وجود سلطة واحدة، موحدة، ومعترف بها دوليًا، تسعى للحصول على اعتراف أوسع بالدولة الفلسطينية، يُعدّ من منظور “إسرائيل” خطرًا استراتيجيًا على مشروعها التوسعي، لذلك، يرى الكاتب أن الاحتلال يعمل على استبدال هذه السلطة بكيانات محلية مفككة، تُدار وظيفيًا لخدمة أهدافه.
وفي تحليله الأوسع، يربط المصري ما يجري في فلسطين بالمشروع الإسرائيلي التوسعي في المنطقة، والذي يتجاوز حدود الصراع الفلسطيني–الإسرائيلي. فإقامة “مناطق آمنة” في لبنان وسوريا ليست مجرد ضرورات أمنية، بل جزء من عقيدة سياسية–دينية تتبناها حكومة نتنياهو، تقوم على فكرة “إسرائيل الكبرى”.
– الشاباك يحذر
وفي ذات السياق، حذّر جهاز الأمن العام الإسرائيلي “الشاباك”، مساء الخميس، من أن السلطة الفلسطينية “بدأت تُظهر مؤشرات على الانهيار” نتيجة الأزمة الاقتصادية الخانقة التي تعصف بها، مؤكداً أن استمرار هذا الوضع قد ينعكس على الاستقرار الأمني في الضفة الغربية.
وبحسب القناة 12 العبرية، أبلغ الشاباك القيادة السياسية الإسرائيلية أن تفاقم الأزمة الاقتصادية، وارتفاع معدلات البطالة، وعدم قدرة السلطة على دفع رواتب عناصرها الأمنية، عوامل تنذر بتصعيد ميداني متزايد.
في المقابل، شددت وزارة الخارجية الفلسطينية على خطورة استمرار “الخنق المالي” الإسرائيلي، داعية إلى جهد دولي عاجل لتأمين “شبكة أمان مالية” والإفراج عن أموال المقاصة المحتجزة لدى "إسرائيل".
وأكدت أن سياسة العقوبات المالية تضرب ركائز الحياة اليومية للشعب الفلسطيني، بما في ذلك التعليم والصحة، وتفاقم الكارثة الإنسانية المستمرة خصوصاً في قطاع غزة.
واعتبر رئيس الحكومة محمد مصطفى أن الأزمة الاقتصادية والمالية “أسبابها سياسية”، مؤكداً أن حكومته تسعى لتأمين دفعة من رواتب الموظفين خلال أيام. لكن الأزمة تتواصل منذ أشهر بسبب حجب وزير المالية الإسرائيلي بتسلئيل سموتريتش أموال المقاصة للسلطة للشهر الرابع على التوالي.
وتُقدَّر فاتورة رواتب السلطة بنحو مليار شيكل (300 مليون دولار) شهرياً، يستفيد منها نحو 245 ألف موظف مدني وعسكري ومتقاعد.
ومع استمرار "إسرائيل" في حجز أموال الضرائب منذ 2019 واقتطاع نحو 3 مليارات دولار، لم يعد بمقدور السلطة سوى صرف نسب متفاوتة من الرواتب وصلت مؤخراً إلى 60% فقط.
, توعد وزير مالية الاحتلال المتطرف بتسلئيل سموتريتش، السلطة الفلسطينية بـ”الإبادة” في حال تجرأت على رفع رأسها والمساس بـ "إسرائيل"، مؤكداً مجدداً دعمه الكامل لضم كامل الضفة الغربية المحتلة.
وقال سموتريتش، في مؤتمر صحفي، إن فرض السيادة الإسرائيلية على الضفة يشكل خطوة تاريخية وواقعية لمواجهة الهجوم السياسي على "إسرائيل"، في إشارة إلى إعلان عدد من الدول الغربية، بينها فرنسا وبريطانيا، اعتزامها الاعتراف بدولة فلسطينية، مضيفاً أن الإدارة الأميركية تؤيد موقف "إسرائيل" في منع إقامة الدولة الفلسطينية مهما كانت التحديات.
وأشارت وسائل الإعلام العبرية، إلى أن الوزير يسعى لفرض السيادة على 82% من مساحة الضفة الغربية المحتلة، مع إدارة السلطة الفلسطينية للمساحة المتبقية بشكل مؤقت حتى إيجاد بديل سياسي، كما اتخذ سموتريتش خطوات مالية صارمة خلال العامين الماضيين ضمن محاولاته لخلق ضغط على السلطة الفلسطينية، شملت وقف تحويل 500 مليون دولار من أموال الضرائب الفلسطينية وفصل البنوك الفلسطينية عن النظام المالي الإسرائيلي، ما يهدد بانهيار المؤسسات الحكومية وخلق فراغ يزيد من حدة الصراع الإقليمي.
وأمام هذا المشهد.. هل اقرب موعد انهيار السلطة؟ ولمصلحة من؟ وماهو البديل؟
رأي اليوم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-09-2025 01:39 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |