بقلم : الدكتور فارس العمارات
كلما هلّ شهر ربيع الأول أتت معه نسمات عطرة لذكرى عزيزة، وحلقت بالمسلمين حيث منبع تلك النسمات التي جلبت في طياتها منظومة الامن والامان الحقة ، التي لم يشوبها شائبة ..
ولد صلى الله عليه وسلم في جوف صحراء قاحلة، لا امان وامن فيها حيث جاهلية المباح في كل شي ،فتحولت به إلى روضة من رياض الجنة، ينعم فيها من اتبعه بنور الإسلام؛ واهتز العالم بمولد سيد الخلق عليه الصلاة والسلام، فكان حدثا عظيما غير مجرى التاريخ، فأشرقت شمس العدل والرحمة على هذا الكون، فأقبرت العقائد الفاسدة. وانتشر سراج الامن في كل مكان ، لا ظلم ولا هضم للحقوق ، فانتشر الاطمئنان وذاب الخوف ومفاهيمة في حضرة سيد ولد عدنان .
كان العالم يموج بالفتن والأحقاد المدمرة، ويتخبط في ظلمات الجاهلية، سفكت فيه الدماء، في غياب منظومة امنية شاملة جاء بها سيد الخلق ، فتحول الظلم الى حق ، وتحول الهضم الى عطاء ومنحة و وتحول استبداد القوي بالضعيف، الى حنو على كل صاحب حاجة ، وتحولت مفاهيم الاغتصاب للحقوق الى الحق يأخذ من القوي للضعيف باوامر الهية ،وتحول قتل الأبرياء، الى تحريم هذا الحق الا بالحق ، وبعد سجد الناس لغير خالقهم، وعبدوا الأصنام التي لا تنفع ولا تضر، وأفنوا أعمارهم رغبة في رضاها تحولت كل السلوكيات هذه الى سلوكيات التأخي والتعاطف ، والسجود لله وحده بطمأنينة ورضا وشكر لله .
وبعد ان كان الجو المشحون بالفساد والأحقاد والظلم شاء الله عز وجل أن يمحو الظلم بالعدل، والحقد بالحب والألفة، والفساد بالصلاح، فبعث سبحانه وتعالى من يصلح ما عبثت به أيدي البشر وعقولهم، فكان اختياره سبحانه له صلى الله عليه وسلم من جوف الصحراء، من بيئة الأصنام، اصطفاه وأدبه أدبا يليق بمكانته، فكان على خلق عظيم.
اللهم صل وسلم على صاحب الهداية والغاية ، واسقنا من حوضه هانئ الشرب لا ضمأ ولا وصب ولا عذاب بعدها .
وكل عام وانت في ظل صاحب الهداية والراية بخير وسلامة ونصر مؤزر .