04-09-2025 10:24 AM
بقلم : محمد بسام القرالة
في الرابع من سبتمبر، يحتفل الأردنيون والعالم الإسلامي بذكرى مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، مناسبة ليست مجرد يوم عطلة، بل لحظة تأمل ومراجعة للذات، وتجديد للعهد مع القيم التي بُني عليها هذا الوطن. يوم نستذكر فيه أن الإسلام لم يكن مجرد شعارات تُرفع على الجدران، بل مشروع حياة، يرسم معالم العدل والرحمة والصدق في كل تعامل، ويعلّم كيف يُصان المجتمع في أصعب الظروف.
الأردن، هذا البلد الصغير بحجمه، الكبير بمواقفه ورسالته، هو مرآة حقيقية لما يمكن أن يكون عليه مجتمع يحافظ على قيمه وسط عالم مضطرب. لقد أثبت عبر تاريخه الحديث أنه أرض الالتزام والاعتدال، وأن قوته الحقيقية ليست في أسلحته، بل في وعي شعبه وقوة مبادئه. في هذه المناسبة، علينا أن نسأل أنفسنا: هل نحن اليوم نحيا وفق هذه المبادئ؟ هل نزرع في أبنائنا الإيمان بالحق والعدل والكرامة، كما زرعها فينا أسلافنا؟
المولد النبوي هو دعوة صامتة لكل مواطن أردني أن يراجع مواقفه: في بيته، في عمله، في مدرسته، وفي ساحة المجتمع. كل كلمة صادقة، وكل عمل نزيه، وكل موقف شريف، هو إحياء لرسالة النبي على أرض الأردن. الاحتفال به ليس ترفًا شكليًا، بل هو واجب أخلاقي ووطني؛ لأن الأمة بلا قيمها، مهما بلغها من رخاء، هي أمة معرضة للانحلال والضياع.
ولا يمكن أن نتجاهل أن الاحتفال بالمولد النبوي في الأردن ليس مجرد ذكرى دينية، بل تأكيد على أن الأمة الحقيقية تُقاس بمقدار ما تزرع في أفرادها من قيم ومبادئ. ففي كل حي ومدينة، وفي كل مدرسة وجامعة، يجب أن يظهر أثر هذه الرسالة: احترام القانون، تكريم الكبار، رعاية الصغار، وتعزيز التضامن بين المواطنين. فالأردن الذي حافظ على استقراره وهدوئه وسط عواصف الإقليم، لم يكن محظوظًا بالحدود وحدها، بل كان محظوظًا بقوة ووعي شعبه، وإيمانه بأن الرسالة التي جاء بها النبي هي منهج للحياة، وليست مجرد احتفال سنوي. هذه المناسبة إذا فهمناها بعمق، تصبح مرآة لنا جميعًا، نرى فيها مدى التزامنا بالصدق، بالعدل، وبالأمانة التي أودعناها في وطننا.
في هذه الذكرى، يجب أن يكون الاحتفال مصحوبًا بالتطبيق العملي: تعزيز التربية على القيم، الصدق في الإدارة، الرحمة في الحكم، والوفاء بالعهود. على الدولة والمؤسسات والمواطنين أن يتذكروا أن قوة الأردن تكمن في تماسكه المجتمعي والتزامه الأخلاقي، لا في أعداد الجنود أو حجم البنية التحتية فقط.
فلنحتفل بهذه الذكرى على نحو يليق برسول الرحمة: بالعمل الصالح، بالمسؤولية الوطنية، وبإعادة الاعتبار لكل قيمة تُنير الطريق للأجيال القادمة. فكل يوم نعيشه خارج هذه المبادئ، إنما هو يوم يبعدنا عن جوهر هذه المناسبة ويضعنا أمام اختبار ضميرنا ووعي تاريخنا.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
04-09-2025 10:24 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |