25-08-2025 11:43 AM
بقلم : زياد فرحان المجالي
يعيش الأردن اليوم مرحلة دقيقة من تاريخه الاقتصادي، تتقاطع فيها الضغوط الداخلية مع المتغيرات الإقليمية والدولية، ليجد نفسه أمام معادلة صعبة: كيف يمكن احتواء المديونية المتفاقمة وتخفيف الأعباء المعيشية، مع المحافظة على الاستقرار المالي والسياسي في محيط مضطرب؟
مديونية متصاعدة… واستقرار نسبي
تشير الأرقام الرسمية إلى أن إجمالي الدين العام بلغ مع نهاية شباط 2025 نحو 44.8 مليار دينار أردني، أي ما يعادل 117.4% من الناتج المحلي الإجمالي. هذه النسبة المرتفعة تُظهر حجم التحدي أمام الحكومات المتعاقبة، خاصة أن المديونية لم تُترجم إلى مشاريع استراتيجية واضحة يستفيد منها المواطن بصورة ملموسة. ومع ذلك، نجحت السياسة المالية في السيطرة على مؤشرات الاستقرار النقدي وسعر الصرف، وهو ما يعدّ إنجازًا في ظل الظروف الإقليمية والضغوط العالمية.
دعم خارجي… يعزز الصمود
في ظل محدودية الموارد، شكّل الدعم الخارجي ركيزة مهمة في الحفاظ على توازن الاقتصاد. فقد نجحت الدبلوماسية الأردنية في تأمين مساعدات أمريكية سنوية بقيمة 1.45 مليار دولار، إلى جانب حزم دعم أوروبية وخليجية. هذا الدعم لم يكن مجرد مساعدة مالية، بل تأكيدًا على مكانة الأردن الاستراتيجية في المنطقة، ودوره المحوري في تحقيق الاستقرار الإقليمي.
إصلاحات ومشاريع استراتيجية
على الرغم من شدة التحديات، أطلقت الحكومة الجديدة برئاسة دولة جعفر حسان مجموعة من المشاريع والإصلاحات، أبرزها:
مشروع تحلية مياه العقبة – عمّان، الذي يُعد الأضخم في تاريخ المملكة، لضمان الأمن المائي وتعزيز البنية التحتية.
برنامج "حافز" لتشغيل الشباب، والذي وفر آلاف فرص العمل في القطاعين العام والخاص.
اتفاقيات شراكة اقتصادية شاملة مع دول مثل الإمارات، لفتح أسواق جديدة ودعم قطاعات الصناعة والطاقة المتجددة والسياحة.
تعزيز قطاع الزراعة الذي سجل نموًا لافتًا، إذ بلغت قيمة صادراته نحو 1.5 مليار دينار عام 2024، مع ارتفاع الإنتاج بنسبة 9%.
هذه المشاريع لا تمثل حلولًا سحرية، لكنها خطوات عملية على طريق طويل يتطلب استمرارية وإرادة سياسية واضحة.
بين الماضي والمستقبل… دروس مستفادة
تجربة الحكومات المتعاقبة منذ مطلع الألفية تُظهر أن السياسات الجزئية لم تكن كافية لمعالجة جذور الأزمة. المديونية ارتفعت، والطبقة الوسطى تراجعت، والفقر اتسع. لذلك، فإن ما تحتاجه المرحلة المقبلة ليس فقط تقييم الأداء السابق، بل محاسبة حقيقية تضع المسؤولية حيث يجب أن تكون، وتمنع تكرار الأخطاء.
جعفر حسان… فرصة تستحق الدعم
في ظل هذه الظروف، يبرز دور دولة الرئيس جعفر حسان باعتباره رجل المرحلة، ليس لأنه يحمل وصفة سحرية، بل لأنه يمتلك العلم والخبرة، ولأنه لم يُظهر تبعية لأي جهة خارج إطار خدمة الوطن. المطلوب اليوم أن يُعطى فرصة حقيقية ليقود، بعيدًا عن التشويش والمناكفات، مع إسناده بالثقة لا بإضعافه بالشكوك. فالشاب في علمه وفكره قادر على أن يوجّه دفة السفينة نحو برّ الأمان، إذا توافرت له أدوات العمل والإرادة الشعبية الداعمة.
الأردن أمام منعطف جديد: إما الاستمرار في سياسات التكيف والاعتماد على الدعم الخارجي، أو الانتقال إلى مرحلة بناء اقتصاد إنتاجي مستقل. ما يبعث على التفاؤل أن القيادة تتابع على مدار الساعة، وأن هناك وعيًا رسميًا بضرورة وضع خطة تنمية اقتصادية تمتد لأربع سنوات قادمة.
المطلوب اليوم أن تتحول خلية إدارة الأزمة إلى خلية بناء المستقبل، وأن نؤمن بأن الإصلاح لم يعد خيارًا مؤجلًا. إعطاء الثقة الكاملة لدولة الرئيس جعفر حسان وفريقه ليس مجاملة، بل واجب وطني، لأن نجاحه هو نجاح للوطن، ولأن خدمة الأردن تستحق أن نوحّد الجهود بعيدًا عن الصخب، نحو عمل جاد يليق بالشعب ويصون الدولة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
25-08-2025 11:43 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |