بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
الملك عبد الله الثاني، بحكمته ورؤيته الثاقبة، لم يقتصر دوره على قيادة الأردن في الظروف الإقليمية الحساسة، بل كان دائمًا مهندسًا للرؤية الوطنية التي تضمن استمرارية الدولة وحماية سيادتها. تحت إشرافه المباشر، ترعرع الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، على قيم الانضباط والولاء للوطن، ليصبح شبلًا هاشميًا مؤهلًا لخدمة الجيش والشعب مستقبلًا، مستلهمًا من تربية والده الحكيمة.

في 17 آب/أغسطس 2025، نشر الإعلام العبري صورة تظهر الملك عبد الله الثاني على الحدود الأردنية – الإسرائيلية، يقف بجوار ولي العهد الأمير الحسين، وهما في وضع الصلاة على سجادة أمام العلم الأردني. المشهد يرمز إلى الدمج بين القيادة العليا، الدين، والالتزام الوطني، ويؤكد أن الجيش الأردني مؤسسة عقيدتها راسخة عبرت عنها رسالة عمان، تحمي الهوية والسيادة، تحت قيادة الملك الحكيمة.

الرمزية الداخلية: الجيش، العقيدة القتالية

وجود الملك عبد الله الثاني في الصورة يعكس أن القيادة الملكية دائمًا في صميم الجيش، وهو ليس مجرد مؤسسة قتالية، بل كيان يرتبط بالقيم الدينية والوطنية. الدمج بين الدين والعسكرية يرسّخ مفاهيم " الثورة العربية الكبرى " وما تحمله من قيم ويجعل الخدمة العسكرية الوطنية مدرسة لتنشئة جيل قادر على الدفاع عن الوطن، كما أراد الملك أن يراه.

العلم الأردني في الخلفية ليس شعارًا فقط، بل رمز للسيادة والهوية الاردنية الوطنية ، والأرض المفتوحة ترمز إلى الحدود والجاهزية الدفاعية، ورسالة واضحة بأن الأردن يقف على أرضه بثبات واستعداد، بقيادة ملكية مباشرة.

الرسائل الخارجية: قراءة إسرائيلية للتعبئة الأردنية

الإعلام العبري، وتحديدًا صحيفة معاريف، ربط الصورة بتصعيد محتمل على الحدود مع الأردن، مع عنوان مثير: "هل نحن أمام انفجار على الحدود مع الأردن؟ قرار دراماتيكي في جيش الملك". الربط بين الإعلان عن الخدمة العسكرية والتوتر الأمني المحتمل بعد تصرحات نتنياهو الرعناء يعكس مخاوف إسرائيلية من القدرة و العقيدة العسكرية الأردنية.

لكن قراءة الصورة من منظور أردني مختلف تمامًا: الأردن يريد أن يؤكد على اللاآت الملكية والمصلحة العليا للاردن، وعلى أن القيادة الملكية، ممثلة بالملك عبد الله الثاني، تعزز الانتماء الوطني وحماية الهوية الوطنية الاردنية ، دون أي استهداف خارجي.

رمزية شخصية للملك وولي العهد

وجود الملك عبد الله الثاني بجانب ولي العهد يعكس العلاقة بين القيادة العليا والتنشئة الوطنية للأجيال القادمة. ولي العهد يظهر كمتعلم من خبرة والده، قريب من الجيش، ملتزم بالدين، يحمل همّ الوطن، ويستمد قوته وإلهامه من توجيهات الملك الحكيمة، بما يضمن استمرار النهج الوطني في قيادة البلاد.

استعادة الغمر والباقورة: تعزيز البعد الوطني

المشهد ينسجم مع الإنجازات الوطنية التي استعادة الأردن بها مكانته السيادية، مثل الغمر والباقورة. هذه الخطوات تؤكد قدرة الدولة الأردنية على حماية مصالحها واستعادة الأرض بحكمة وهدوء، وحزم. الصورة، بذلك، تأتي في لحظة تاريخية تؤكد أن الأردن لا يفرط في أي شبر من أرضه، بقيادة ملكية واضحة، والجيش والمجتمع يقفون معًا في هذا المسار الوطني.

الصورة تذكر الأردنيين بأن الهوية الوطنية الاردنية جزء لا يتجزأ من حماية الأرض والحقوق. الجيش ليس كيانًا منفصلًا عن المجتمع، بل قلب نابض للوطنية والانتماء، بقيادة الملك عبد الله الثاني. على الصعيد الخارجي، هي رسالة واضحة: الأردن يعزز قدراته الدفاعية ويعيد تأكيد التزامه بالاستقرار، بقيادة الملك وولي عهده، وجاهز لأي تحديات محتملة.


الصورة التي نشرها الإعلام العبري تحمل أكثر من معنى، لكنها في الجوهر الأردني تعكس التماسك الداخلي، وحكمة القيادة الملكية، وارتباط الجيش بالقيم الدينية والوطنية. الملك عبد الله الثاني يظهر كقائد حاضر في قلب الجيش، ويعيد للأردنيين الفخر والانتماء، بينما ولي العهد يظهر كجيل ناشئ يتعلم من خبرة والده، ويستعد لمواصلة المسيرة الوطنية. استعادة الغمر والباقورة جزء من استراتيجية شاملة تحمي الهوية الوطنية الاردنية التاريخية، وتؤكد قدرة الأردن على حماية حدوده وسيادته بكل ثقة وحكمة.