بقلم : مهدي الشوابكة
إعلان سمو الأمير الحسين بن عبدالله الثاني، ولي العهد، عن إعادة تفعيل برنامج خدمة العلم ليس خطوة عابرة أو محصورة في بعدها التدريبي، بل هو قرار استراتيجي يأتي في لحظة تاريخية فارقة، حيث يواجه الأردن والمنطقة تهديدات متزايدة كان آخرها تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول ما يسميه "إسرائيل الكبرى"، وهي تصريحات تكشف عقلية توسعية تستهدف فلسطين أولًا، لكنها تحمل في جوهرها تهديدًا مباشرًا للأردن باعتباره العمق الجغرافي والسياسي الذي يحاول الاحتلال الإسرائيلي تجاوزه أو اختراقه.

في مواجهة هذا النوع من التهديدات، يصبح تعزيز الهوية الوطنية الأردنية وصياغة وعي شبابي منضبط ومؤمن بأرضه ضرورة وجودية ، و خدمة العلم بوابة مشروع وطني كبير لتحصين الداخل الأردني ضد أي محاولات لزعزعة استقراره أو المساس بهويته ووعي القيادة بالمخاطر المحدقة حول الأردن ، فالأردن تاريخيًا كان السد المنيع أمام الأطماع الإسرائيلية، ومعركة الكرامة خير شاهد، واليوم يعاد تفعيل هذا الدور من خلال إعداد جيل جديد قادر على حمل راية الدفاع عن الوطن.

إن حديث نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" ليس مجرد دعاية سياسية، بل هو جزء من فكر يميني تلمودي صهيوني متطرف، يضرب بعرض الحائط كل الاتفاقيات والمعاهدات، ما يعني أن الأردن لا يمكنه أن يركن إلى الخطاب السياسي وحده، بل يحتاج إلى تقوية جبهته الداخلية وصياغة مشروع وطني يواجه هذه التحديات من جذورها ، وهنا يأتي قرار ولي العهد كخطوة متقدمة في بناء هذا المشروع، فهو يضع الشباب الأردني في قلب المعادلة ويعيد تذكيرهم بأن حماية الأرض ليست واجبًا عسكريًا فحسب، بل مسؤولية مجتمعية شاملة.

في ظل واقع إقليمي مضطرب وصراع مفتوح بين إسرائيل وإيران وتوسع العدوان في فلسطين، فإن الأردن يدرك أن أي ضعف في جبهته الداخلية قد يُستغل، وأن التهديدات لا تُواجه فقط بالسلاح بل بالهوية الوطنية المتماسكة والانتماء العميق للأرض ، خدمة العلم بهذا المعنى، هي جدار دفاعي استباقي، ورسالة واضحة بأن الأردن مستعد لمواجهة أي مشروع توسعي إسرائيلي، وأن حديث نتنياهو عن "إسرائيل الكبرى" سيتحطم على وعي شبابه ووحدتهم وصلابتهم وحكمة القيادة الهاشمية.