16-08-2025 01:05 PM
بقلم : الدكتورة فاطمة العقاربة
منذ نشأة الدولة الأردنية، شكلت مدينة الكرك ومن خلال تاريخها الحضاري وعشائرها الأصيلة منبعاً للفرسان الذين شهدت لشجاعتهم وإقدامهم ساحات الوغى وسجلات البطولة التي أثارت إعجاب وعجب العدو والصديق، فكانوا من حماة الحق العربي في فلسطين وسوريا والعراق، ولم يتوان أبطالنا عن تقديم أرواحهم رخيصة في سبيل ذلك كلما نادى المنادي وادلهمت الخطوب.
وعشيرة العقاربة التي نتحدث في هذه الصفحات عن رجل من رجالاتها، من العشائر التي قامت بإسناد ودعم جهود التنمية والتحديث والتطوير في المملكة التي قاد بنيانها بنو هاشم بثورة عربية كبرى ابتداءً بقيادة الشريف الحسين بن علي، ثم بإرادة ملك مؤسس لهذا الكيان الهاشمي، ثم بملك قائدٍ اختاره اللّه الى جواره،ليكون بعده القائد الباني الراحل الحسين بن طلال طيب اللّه ثراه، ثم ليستقر أمر زمام الحكم لجلالة الملك عبد اللّه الثاني ابن الحسين، وتبقى عشيرة العقاربه برجالاتها، العشيرة الوفية التي ما تغير فيها العزم وما وهانت وما لانت لها قناة، بل بقيت على الوعد والعهد خلف قيادة جلالة الملك ولاءً وانتماءً لا يعرف الحدود.
ويعدُّ اللواء الركن عبد الرحمن باشا العقاربه، من رجالات الأردن الأوفياء الذين قدموا لوطنهم وأعطوا فأجزلوا العطاء، وهو من الشاهدين على العصر الصادقين الذين شهدوا أحداثا ومراحل هامة في تاريخ المملكة الاردنية الهاشمية، إذ كان له شرف الخدمة العسكرية ابّان حكم المغفور له جلالة الملك الحسين بن طلال - طيب اللّه ثراه- لذا فان من حقه علينا ان نقف على محطات كثيرة في حياته الطويلة التي كان فيها جندياً أردنياً مخلصاً، أدى الواجب بأمانة ولبى النداء كلما دعا الداعي، لا مطمح له ولا غاية سوى رضى اللّه وراحة الضمير وخدمة العرش الهاشمي المفدى .
وبحسب اللواء ابو اسامة بان والدته كانت تتحمل مسؤوليات كبيرة في تربيته ، وواجهت مشقات وصعاب لم تثنها عن شعورها بأن تعدّه للمستقبل، وكانت الحياة قاسية جداً ولم أكن أحصل سوى على قرش واحد أو حبة بيض، وكنت أحياناً أقوم بشراء حبة بندورة أو قطعة حلوى،
سنوات الشرف والعطاء في القوات المسلحة الأردنية
ان الحديث عن اللواء عبد الرحمن العقاربه، هو حديث عن سيرة رجل من الرجال الذين انتسبوا للقوات المسلحة" الجيش العربي" وساهم في العمل والعطاء على مدى ثلاثة عقود من عمره المديد، شغل خلالها عدداً من المناصب القيادية والإدارية، فأسهم من خلالها في إعلاء شأن الوطن وحقق المنجزات التي سجلها بمداد الفخر والعزيمة والإرادة الصلبة، فكانت له بصماته في تقدم وتطوير قواتنا المسلحة الأردنية
عبد الرحمن باشا العقاربه ، قامة وطنية أردنية تسكنها نفس أبية علوّاً وشموخاً، أنها النفس السخية الغنية بالقيم الفاضلة والعطاء اللامحدود، وحسبه أنه يصنع الجميل والواجب وصنعهما قاصداً بذلك وجه اللّه دون انتظار شكر من أحد، ولقد وهبه اللّه من الصفات والأخلاق والنبل والسماحة والصبر والعلم والإخلاص، ما مكنه من سبر أغوار جميع المهمات التي أوكلت إليه، فكانت النتيجة في كل ذلك النجاح تلو الآخر، تلك الصفات التي لم تدنُ منه هكذا إنما كانت نتاج صالحة وتنشئة سليمة، تصديقا لمقولة أن الغرسة في البداية هي الثابت المستديم في النهاية . مدحتك ألقاب العلا فاد عني باسمي ... فما تخفض الألقاب حُراً ولا تسمي بين عامي ١٩٩٦ - ١٩٦٥ إحدى وثلاثون عاما أمضاها عبد باشا العقاربه من حياته في صفوف القوات المسلحة، كان خلالها نموذجا في التفائي والبذل والعطاء، وكان خير مثال للأردني الذي اجتمعت فيه صفات الرجولة والنخوة، لم تأخذه المواقع التي تسلمها من إنسائيته الأصيلة، ولم تنزعه من معدنه النبيل، فبقي كما هو في تواضعه الجم، وأدبه الكبير، وطيبة قلبه، وحلاوة معشره، فكان القاسم المشترك بنظر كل من عرفه هو الاحترام والتقدير لشخصه الكريم، ولعسكريته المنضبطة، ومعدنه النظيف، ولسانه العفيف.
تحفل ذاكرة عبد الرحمن باشا العقاربه بالكثير من الذكريات التي لا يقوى على نسيانها، فتلك السنوات هي جوهر تاريخه، ولئن كان يقف من جميع المحطات التي مر بها على مسافة واحدة، إلا أن عمله سكرتيراً عسكرياً لسمو الأمير الحسن بن طلال في العام ١٩٨٠ وهو برتبة رائد، يبقى من أقرب المراحل إلى نفسه ، إذ أتاحت له فرصة التعرف عن قرب، على شخصية هذا الأمير الهاشمي، فلمس فيه الأخلاق العالية، والفكر المستنير، والتواضع الذي ليس له حدود، أضف إلى ذلك الخبرات العملية والدروس التي استفاد منها ونهلها من معين عطاء سموه.
كان النجاح عنوانا في جميع مراحل مسيرة اللواء عبد الرحمن باشا العقاربه ، حيث تمكن من النجاح واجتياز كافة الدورات التي اشترك فيها سواء أكان ذلك داخل أو خارج المملكة الأردنية الهاشمية، وهي دورة الضباط الأحداث، دورة الصيانة القصيرة، دورة ضباط المواقع، دورة ضباط كتائب مدفعية في الباكستان خلال العام .
على الرغم من قدومه من القرية إلى المدينة غير أنه لم يجد صعوبة في التكيف مع الواقع الجديد الذي وجد نفسه فيه، فكان ذلك حافزا له كي يحقق التميز بين زملائه، وتجلى ذلك حين حصل على الترتيب الأول بين كافة المرشحين مما أعطاه حافزاً لمواصلة التفوق وتحقيقه للمركز الأول في نهاية تلك الدورة المشار إليها في تشرين ثاني من العام ١٩٦٥ وكان أقدم ضابط بين كافة الخريجين.
وعن بعض تلك الذكريات يتحدث الباشا العقاربه ويقول: "كانت فترة التدريب شاقة جداً، وممتعة في الوقت نفسه، بحيث شملت سباقات الميل والرمح المتحرك والرماية على الأسلحة وطوابير المشاة، ولن أنسى ما حييت حصول على جائزتين في نهاية الدورة الأولى كانت مجموع العلامات والثانية بالتعبئة، وكانت الجائزتين بمثابة دافع لي في قادم سنوات خدمتي لأن يكون التفوق عنواناً لمسيرتي في القوات المسلحة والحمد لله . وللباشا دور كبير في محطاته العسكرية حيث بدأـ مسيرته في سلاح المدفعية وواصل رحلة التفوق فكان أن حصل على الترتيب الأول في دورة تأسيس المدفعية التي اشترك فيها فور تخرجه، لينتقل بعدها للعمل قائد فصيل ضمن صفوف كتيبة المدفعية التاسعة، ثم كان تحركه نحو الضفة الغربية في العام ١٩٦٧ وكان برتبة ملازم، وعمل في عدة مناطق كالنبي يعقوب ورام اللّه والقدس، وكان معه زميله المرحوم الشهيد كمال جرادات ضابط رصد الشيخ جرّاح .
احد رموز الجيش العربي الذي نكن له كل الاحترام والتقدير على جهوده ووفائه وولائه لهذا الوطن .
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-08-2025 01:05 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |