15-08-2025 03:10 PM
بقلم : المحامي محمد عيد الزعبي
الإعلامي الحر هاشم الخالدي، لا تربطني به صداقة أو قرابة أو نسب، ولم يسبق أن جمعتني به معرفة شخصية، وكل ما أعرفه عنه جاء من خلال متابعتي الدقيقة لمجموعته الإعلامية "سواليف"، التي يديرها بعقل يقظ وقلب لا يعرف الخوف. هذه المنصة لم تكن مجرد موقع إلكتروني، بل أصبحت مساحة وطنية مفتوحة، تعكس نبض الشارع الأردني، وتضع قضاياه على الطاولة بلا رتوش ولا تزييف، لتتحول إلى مرجع للرأي العام وصوت للمهمّشين والباحثين عن الحقيقة.
، عرفه القراء صحفيًا ميدانيًا شجاعًا، يطارد الخبر كما يطارد الصياد غنيمته، لكن غنيمته دائمًا كانت الحقيقة ولا شيء سواها. مؤمن بوطنه، مخلص لقيادته وشعبه، لا يعرف طعم الراحة في سبيل كشف الخلل وإظهار الحقائق، مهما كان الثمن ومهما اشتدت الضغوط. يرفض أن يكون قلمه بوقًا أو ورقة مساومة، ويميز نفسه بالنزاهة وجرأة الطرح وحيادية الموقف.
هاشم الخالدي لا يجامل على حساب الوطن، ولا يقبل الأعطيات أو يسعى وراءها، لأنه يدرك أن الصحفي الذي يمد يده يفقد قدرته على رفع صوته. ولأنه يرى أن الإعلام مسؤولية قبل أن يكون مهنة، جعل من التحقيقات الصحفية سلاحه الأول، ومن كشف الحقائق رسالته التي لا يساوم عليها.
ومن خلال "سرايا"، خاض الخالدي معارك إعلامية حقيقية في مواجهة الفساد والترهل الإداري، ففتح ملفات كانت حبيسة الأدراج، وكشف قضايا حاول أصحابها طمسها خلف جدران الصمت. من أبرز ما تناول: فضح شبهات التلاعب في بيع وتأجير أراضٍ تعود ملكيتها للدولة بأسعار متدنية، وتسليط الضوء على عطاءات مشبوهة في مشاريع البنية التحتية، وكشف مخالفات مالية وإدارية في بعض المؤسسات الرسمية. كما تناول ملفات حساسة مثل تهريب وثائق من العقبة، وتجاوزات في قطاع الاستثمار، وقصص تلاعب في توزيع المنح والإعفاءات. لم يكن يكتفي بالنشر، بل يتابع كل قضية خطوة بخطوة، مؤمنًا بأن الصحافة ليست ناقلًا للخبر فقط، بل سلطة رقابية تحاسب وتحرك المياه الراكدة مهما كانت عمقها.
يقضي جل وقته في البحث والتحقيق، يلاحق الخيوط الصغيرة التي يراها الآخرون تفاصيل هامشية، لكنه يعرف أنها مفاتيح لكشف ملفات كبرى. يجد متعته الحقيقية حين تصل كتاباته إلى آذان صافية من أصحاب القرار، ويشعر أن جهده لم يذهب سدى إذا تحركت عجلة الإصلاح بفعل كلمة كتبها أو تحقيق نشره.
وفي زمنٍ يتكاثر فيه المتسلقون على أكتاف المهنة، ويختلط فيه صوت الحق بضجيج المأجورين، يبقى هاشم الخالدي واحدًا من القلائل الذين حافظوا على نقاء الحبر في أقلامهم، وأثبتوا أن الصحافة يمكن أن تكون معركة شرف، وأن الكلمة الحرة لا تُشترى. لقد صار اسمه علامة فارقة في الصحافة الأردنية، ورمزًا للإعلام الذي لا ينحني أمام العواصف، ولا يبدل مواقفه بتبدل المصالح.
في زمنٍ اختلط فيه الباطل بالحق، والصفقات بالمبادئ، يظل هاشم الخالدي نموذجًا للصحفي الحر الذي لم يبدّل أو يساوم، وبقي وفيًّا لحبره، وأمينًا لوطنه، وشاهدًا على أن القلم إذا صان صاحبه شرفه، صار أشد من السيف في وجه الباطل.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-08-2025 03:10 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |