13-08-2025 04:04 PM
بقلم : ماجد الفاعوري
في قاعة مظلمة تتدلى من سقفها مصابيح حمراء باهتة يجلس شاب على مقعد خشبي تتصل يداه بخيوط شفافة تتحرك من أعلى بينما على المنصة يقف ظل ضخم لا يُرى وجهه يمسك بآلة وترية تعزف ألحاناً متقطعة كلما أراد أن يتحرك الشاب تحرك لكن ليس بإرادته بل وفق النغمة التي يعزفها الظل فجأة يصفق جمهور غامض في المقاعد الخلفية ويعلو صوت ضحكات مكتومة وكأنهم يشاهدون مسرحية عبثية لا بطل فيها إلا الدمية.
الشباب الأردني لم يعد يقف على حافة الضياع بل صار يسكن قلبه وكأن عرش الشيطان قد نُصب في عقله ووجدانه ليس لأنهم فاسدون بطبيعتهم بل لأن قوى الليبرالية والنيوليبرالية والعولمة والقوة السياسية وقوة الشر وقوة التوطين اجتمعت لتصنع لهم قدراً لا فكاك منه قدراً يجرهم من قاعات النقاش إلى حفر المناكفات ومن مشاريع البناء إلى مسارح الهدم.
في لحظة كان يمكن أن يكونوا فيها قادة رأي وحاملي مشروع وطني صاروا ممثلين لقوى الظلام يرفعون راياتها ويتحدثون بلغتها دون أن يشعروا أنهم مجرد أدوات في لعبة أكبر منهم لعبة يوزع فيها النفوذ بين أصحاب المال والإعلام والمصالح المغلقة بينما يُترك الشباب للجدل العقيم ومسرحيات “النكاية” التي لا تُسقط خصماً ولا تبني وطناً.
التيار الثالث المتصالح مع الدولة لم يكن صدفة إنه مشروع مُحكم التخطيط يملك أدوات النفوذ ويسيطر على السردية ويمسك بمفاتيح الإعلام يعرف متى يظهر بوجه إصلاحي ومتى يكشر عن أنياب الظلام يتغذى على صمت الشباب وانقسامهم ويكبر كلما انشغلوا عن الهدف الحقيقي ليصبح هو الوصي على خطابهم ومستقبلهم.
وما يزيد الكارثة قتامة أن الشباب أنفسهم صاروا يحاربون من يحاول أن يوقظهم لأنهم باتوا يرون في كل نقد تهديداً وفي كل فكرة مستقلة خيانة حتى تحولوا من قوة تغيير إلى قوة حراسة لبقاء الوضع كما هو وكأنهم جنود في جيش الشيطان لا يعلمون.
الخروج من هذا الجحيم يحتاج إلى وعي صادم وإلى ثورة على عقلية الوصاية وثقافة التمثيل الزائف وإلى بناء جبهة شبابية لا تسمح لقوى الظلام بأن تتحدث باسمها أو تحركها كقطع الشطرنج وحينها فقط سيسقط عرش الشيطان من عقل الشباب ويعودون إلى دورهم الطبيعي كقوة تصنع المستقبل لا كظل يسير خلف أسياده.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-08-2025 04:04 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |