13-08-2025 10:59 AM
بقلم : زياد فرحان المجالي
في لحظة من أكثر اللحظات حساسية منذ اندلاع الحرب على غزة في أكتوبر 2023 اجتمع الكابينت الأمني الإسرائيلي خلف أبواب مغلقة في مشهد تتداخل فيه الحسابات السياسية مع التقديرات العسكرية على الطاولة كان السؤال الأثقل هل تمضي إسرائيل نحو اجتياح شامل للقطاع أم تكتفي بعمليات جزئية تحافظ على هامش المناورة السياسية والدبلوماسية
القرار ليس عسكريا بحتا بل هو مزيج من طموحات نتنياهو السياسية وضغوط اليمين المتطرف بقيادة بتسليئيل سموتريتش وإيتمار بن غفير وتحذيرات رئيس الأركان إيئال زامير الذي يرى أن الميدان قد يتحول إلى مستنقع استنزاف طويل في مواجهة مقاومة تعرف كيف تقاتل وتدير المعركة على أرضها
خطة نتنياهو التي عرضت أمام الوزراء تقوم على اقتحام تدريجي يبدأ بالسيطرة على مدينة غزة ثم توسيع العمليات نحو بعض المخيمات المركزية بالنسبة لسموتريتش هذه الخطة ضعيفة وغير كافية وتهدد بترك المقاومة قادرة على إعادة تنظيم صفوفها وقد لوح صراحة بإسقاط الحكومة والدعوة إلى انتخابات إذا لم ينفذ اجتياح كامل يحقق سيطرة ديمغرافية وأمنية شاملة على القطاع بن غفير ذهب أبعد من ذلك مؤكدا أن أي وقف لإطلاق النار أو صفقة تبادل أسرى قبل القضاء التام على بنية المقاومة ونزع سلاحها هو تفريط بالدماء
منذ توليه رئاسة الأركان في مارس 2025 تبنى إيئال زامير نهجا حذرا في التعامل مع الملف الغزي خبرته الطويلة في سلاح المدرعات والعمليات البرية جعلته يدرك أن السيطرة على الأرض لا تعني بالضرورة تحقيق النصر رفض فكرة الاقتحام الكامل دون خطة خروج واضحة وأكد أن أي عملية موسعة يجب أن تكون جزءا من استراتيجية متكاملة وإلا فستترك الجيش في مواجهة فراغ إداري وسياسي يشبه تجارب الاحتلال الطويلة في العراق وأفغانستان كما شدد على أولوية حماية الجنود والأسرى محذرا من أن القتال في أحياء مكتظة سيضاعف الخسائر البشرية
في معسكرات الجيش على مشارف غزة يدرس القادة خرائط الأحياء ومسارات الأنفاق ونقاط الاشتباك المحتملة تقديرات الميدان واضحة قتال حضري عنيف سيؤدي إلى خسائر مرتفعة المقاومة تملك قدرة عالية على نصب الكمائن وزرع العبوات والسيطرة الميدانية لا تضمن نهاية التهديد بل قد تفتح جبهات مقاومة جديدة أحد الضباط وصف الخطة الشاملة بأنها قفزة في الظلام محذرا من أن القوات قد تجد نفسها بعد أشهر في نفس المواقع لكن بثمن دموي أكبر
القيادة العسكرية وعلى رأسها زامير ترى أن السيناريو الغزي يحمل ملامح من حرب فيتنام شبكة أنفاق تمنح المقاومة قدرة حركة غير مرئية بيئة حضرية مكتظة تمنح المقاتلين المحليين أفضلية تكتيكية ضد قوات نظامية متفوقة عددا وتسليحا واستنزاف سياسي واقتصادي مع تآكل الدعم الشعبي والدولي بمرور الوقت حتى بعض الحلفاء في أوروبا مثل إيطاليا حذروا من أن الاجتياح الشامل قد يتحول إلى مستنقع استنزاف يستهلك الموارد والشرعية السياسية
واشنطن ما زالت تقدم الدعم العسكري والسياسي لكنها تراقب بقلق أي خطوات قد تؤدي إلى أزمة إنسانية أكبر أو تهدد حياة الأسرى الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة يضغطان لوقف إطلاق نار طويل الأمد ويريان أن استمرار الحرب بهذا النمط سيعرض إسرائيل لمساءلة دولية متزايدة
إسرائيل تقف أمام مفترق طرق استراتيجي المضي في اجتياح شامل يرضي اليمين المتطرف لكنه قد يدخلها في حرب استنزاف طويلة شبيهة بفيتنام أو الاكتفاء بعمليات جزئية تراعي الحسابات الدولية لكنها قد تهدد تماسك الحكومة من الداخل القرار الذي سيتخذ في الكابينت لن يحدد فقط مسار الحرب في غزة بل قد يرسم مستقبل نتنياهو السياسي ومصير ائتلافه وربما صورة إسرائيل في النظام الدولي لسنوات قادمة
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
13-08-2025 10:59 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |