حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,21 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6931

د. صبري درادكة يكتب: صدمات جيل 2007 وأولى صدمات جيل 2008: أزمة في مسار التعليم والتنافس الجامعي

د. صبري درادكة يكتب: صدمات جيل 2007 وأولى صدمات جيل 2008: أزمة في مسار التعليم والتنافس الجامعي

د. صبري درادكة يكتب: صدمات جيل 2007 وأولى صدمات جيل 2008: أزمة في مسار التعليم والتنافس الجامعي

11-08-2025 08:48 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. صبري راضي درادكة
دخل جيل 2007 قاعات الامتحان وسط موجة من الضغوط غير المسبوقة، حيث تميّز موسمهم الدراسي بصعوبة الأسئلة وتعقيدها وتحدث المتخصص وغير المتخصص والتربوي وغير التربوي والآباء والأمهات والمستوزر وغير المستوزر. وجاءت النتائج – كما صرحت الوزارة – أن نسب النجاح حول نسب السنوات السابقة، ولكن المشهد الآخر كان الصدمة المتمثلة في انخفاض ملحوظ في المعدلات. ثم بدأ الحديث عن التوقعات بارتفاع معدلات القبول في الجامعات لتشكل صدمة إضافية، إذ سيجد الطلاب أنفسهم أمام واقع جديد يزيد من مخاوفهم حول فرصهم الأكاديمية ومستقبلهم المهني.

وهنا يأتي تبرير ما قد نشهده من ارتفاع معدلات القبول في التنافس على التخصصات بأنه بسبب زيادة أعداد الطلبة هذا العام، ولكن السبب الأكثر أثرًا ولم يتحدث عنه أحد هو خفض أعداد الذين سيتم قبولهم في تخصص الطب وطب الأسنان. وهذا يشكل ضغطًا على التخصصات الأخرى وتنافس المعدلات الأقل من معدلات الطب، وهكذا يكون النزول من رأس الهرم إلى أسفله، وبالتالي سيخرج أعداد من الطلبة بدون أي نوع قبول لهم.

أما جيل 2008، فقد بدأ مشواره التعليمي محاطًا بسياق تعليمي هش، إذ برزت أولى الصدمات بظهور نسبة كبيرة – تقارب 40% – من الطلاب المتجهين نحو الحقل الصحي. هذا التركيز الكبير على مسار واحد يدل على اختلال واضح في توزيع الطلاب على التخصصات، ما ينبئ بمنافسة محتدمة على المقاعد المحدودة. وهنا يأتي البعض ليحدثنا بضرورة دمج هذا التخصص مع تخصص تكنولوجيا المعلومات أو تغيير الحقل إلى حقل آخر.

وهنا نسأل: لماذا تم التوجه إلى هذا الحقل أكثر من غيره؟ وأنا أراهن أنه سيزداد التوجه له خلافًا لما يطلب أو يتوقع. فمن رأى دموع الطلبة من جيل 2007 في امتحان الرياضيات، لا أعتقد أنه قادر على إقناعهم بدمج الرياضيات أو التوجه إلى تخصص يعتمد عليها. هذا إذا ما شهدنا – بعد دوام المدارس – تغيير الحقول من وإلى الحقل الصحي، وهو مشهد محتمل، لكن هناك أيضًا سبب آخر للتوجه إلى هذا الحقل، وهو عدم توفر شعب في الحقول الأخرى لغياب الكوادر التعليمية.

والسؤال الأكبر: أيعقل أن يكون أول احتكاك لهذين الجيلين مع الحكومة – بعد بلوغهم سن الثامنة عشرة – بهذا الإحباط؟ يا أصحاب القرار التربوي والسياسي، هذه الأجيال تحتاج منكم استقبالًا أكثر دفئًا مما جرى، ويجب أن نعزز ثقتهم بالوطن وبأن من يجلس خلف مكتبه يعمل من أجل مستقبلهم لا من أجل مستقبله الشخصي، وأن الحكومات تسعى لصالحهم لا لصالح قطار أحلام وظيفي يركبه قلة. وإلا سنجدهم مهاجرين طوعًا أو كرهًا، والوطن يخسرهم في لحظة هو أحوج ما يكون إليهم.

إن ما يعيشه جيل 2007 و2008 اليوم لن يبقى حبيس قاعات الامتحان وجداول القبول الجامعي، بل سيمتد أثره إلى سوق العمل خلال السنوات المقبلة. تضييق القبول في الطب وطب الأسنان سيدفع أعدادًا متزايدة من الطلبة إلى التخصصات الأخرى، ما سيخلق اكتظاظًا في مجالات بعينها مقابل فراغ في مجالات أخرى. هذا الخلل في التوزيع سيولد فائضًا من الخريجين في بعض المهن وبطالة مقنّعة أو صريحة، في حين تعاني قطاعات أخرى من نقص الكفاءات.

أما في التعليم العالي، فإن الانجذاب شبه الكلي نحو الحقل الصحي أو مسارات ضيقة يقلل من تنوع المهارات ويحد من الابتكار. الاقتصار على مجالات محدودة يضعف قدرة الجامعات على تخريج أجيال قادرة على التكيف مع متغيرات سوق العمل. هنا يبرز دور الجامعات في إعادة هندسة برامجها الأكاديمية، عبر إنشاء مسارات هجينة تجمع بين العلوم الطبية والتكنولوجية، أو بين العلوم الصحية والبحث العلمي التطبيقي، بما يحافظ على التوازن بين رغبات الطلبة واحتياجات السوق.

إن ما نشهده اليوم ليس أزمة عابرة، بل إنذار مبكر بضرورة مراجعة سياسات التوجيه التربوي، وإشراك الخبراء والقطاع الخاص في رسم خريطة تعليمية جديدة. فالأجيال التي نخسر ثقتها اليوم قد نصحو بعد سنوات على شباب يحملون شهادات لا تمنحهم فرصًا، وأوطان تبحث عن كفاءات لا تجدها، وحينها سيكون الثمن أكبر بكثير من أزمة تعليمية.











طباعة
  • المشاهدات: 6931
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
11-08-2025 08:48 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم