حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,5 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 6547

عمرو يكتب :غزة … كشفٌ للحقيقة وامتحانٌ للضمير الإنساني

عمرو يكتب :غزة … كشفٌ للحقيقة وامتحانٌ للضمير الإنساني

عمرو يكتب :غزة … كشفٌ للحقيقة وامتحانٌ للضمير الإنساني

03-08-2025 08:33 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :
عماد عبدالقادر عمرو
رئيس مجلس محافظة العقبة سابقًا

ليست غزة اليوم مجرد بقعة جغرافية تحت النار،
بل باتت المرآة الأكثر صفاءً وانكشافًا لمأساة العالم الأخلاقية.
فيها تتكشّف الحقائق، وتنهار الأقنعة، ويُختبر كل ادّعاء بالإنسانية والعدالة.

ما يجري في غزة ليس حربًا، بل جريمة معلنة تُرتكب على الهواء مباشرة،
فيما تكتفي المؤسسات الدولية بالتنديد المرتبك،
وتتوارى كثير من العواصم خلف مواقف خجولة،
وتنأى عن تسمية القاتل، وكأن الجريمة بلا فاعل.

منذ أكتوبر، تغيّر وجه القضية الفلسطينية.
لم تعد مأساة شعب تحت الاحتلال فحسب، بل تحوّلت إلى مرآة تُحاسب العالم على صمته،
وتفضح انحياز النظام الدولي، وازدواجية معاييره، وعجزه عن حماية أبسط القيم التي يدّعي الدفاع عنها.

وفي قلب هذا المشهد الأخلاقي المضطرب، يبرز الأردن — رسميًا وشعبيًا — كصوتٍ ثابت في وجه الانهيار.
صوت لم يخذل فلسطين، ولم يساوم على عدالة قضيتها، ولم يُغلق الباب أمام الحقيقة، حتى عندما اشتدت العواصف وضغطت الحسابات.

لقد كان الأردن — تاريخيًا — أكثر من مجرد داعم سياسي لفلسطين؛
لقد خاض معارك حقيقية ومباشرة ضد الاحتلال الإسرائيلي،
قدّم فيها شهداء، وحمى فيها القدس، ودافع عن المقدسات، ورفض كل محاولات تصفية القضية.
هو ليس طارئًا على هذا الملف، ولا طارئًا على خطوط المواجهة.

والمفارقة المؤلمة أن يُهاجَم الأردن لا لخيانه، بل لثباته؛
أن يُتّهم بالتواطؤ، لا لأنه خذل غزة، بل لأنه لم ينجرّ إلى انفعالات عابرة، أو شعارات موسمية، أو مزايدات غوغائية.

ما يجري من حملات تشويه ليس صدفة، بل مشروع ممنهج هدفه زعزعة ثقة الشعوب بمواقفهم الثابتة،
وتحطيم ما تبقى من رمزية للقرار العربي العقلاني،
وتحويل الصراع من معركة مع الاحتلال إلى خصومة داخلية تُضيع البوصلة، وتبدد المعنى.

الأردن، الذي خاض معارك سياسية وقانونية دفاعًا عن فلسطين،
وتحرك في مجلس الأمن، وكشف زيف الرواية الإسرائيلية، وضغط في كل المحافل الدولية،
لا يُقاس موقفه بمن أغلق سفارة أو أطلق هتافًا، بل بمن بقي ثابتًا حين هرب الآخرون، وبمن استثمر تاريخه ومكانته في بناء موقف يُحترم ولا يُستهلك.

الدفاع عن الأردن هنا ليس ترفًا وطنيًا، بل ضرورة قومية.
فهو اليوم يمثل — وسط هذا الخراب السياسي — أحد آخر الحصون العربية التي لم تسقط في خطاب الخداع أو الابتزاز العاطفي.

العدوان على غزة لم يُسقط فقط ضحايا أبرياء، بل أسقط معايير،
وأسكت ضمائر، وكشف هشاشة كثير من المواقف التي كانت تتزيّن بالشعارات.

وغزة — رغم الألم — لا تزال تقاتل.
لكن الخطر الأكبر لم يعد في نيران العدو، بل في طعنات المزايدين،
وفي الحملات التي تسعى لتجريم كل من بقي على المبدأ، وتمجيد من خلع عباءته عند أول اختبار.

لسنا بحاجة إلى من يرفع راية فلسطين بالصراخ، ثم يخذلها بالفعل.
نحن بحاجة إلى من يملك الوعي والإرادة ليدافع عنها في أروقة القرار، وفي وجه الضغوط،
ويظل على عهدها دون أن يُغريه التصفيق أو يُرعبه التخوين.

غزة لا تحتاج إلى متحدثين باسمها، بل إلى من يقاتلون لأجلها بالوسائل التي تؤلم المحتل لا تُرضي الجماهير فقط.

فلا تُخدعوا بالضجيج، ولا تسمحوا بإسقاط من ظل واقفًا.

إن من يُشكك اليوم في موقف الأردن، إما لا يعرف تاريخه…
أو يشارك في جريمة تحريف الوعي،
بوعيٍ أو بغير وعي.

والله من وراء القصد.








طباعة
  • المشاهدات: 6547
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
03-08-2025 08:33 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم