حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
السبت ,2 أغسطس, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7361

هل بدأ العد التنازلي لـ"حل الدولتين"؟ مؤتمر نيويورك يطلق وعداً جديداً في طريق قديم

هل بدأ العد التنازلي لـ"حل الدولتين"؟ مؤتمر نيويورك يطلق وعداً جديداً في طريق قديم

 هل بدأ العد التنازلي لـ"حل الدولتين"؟ مؤتمر نيويورك يطلق وعداً جديداً في طريق قديم

31-07-2025 01:40 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : محمد فلاح الزعبي
في مشهد يبدو مألوفاً في القاموس الدبلوماسي الدولي، أعاد مؤتمر "حل الدولتين" الذي عقد في نيويورك تكرار المعزوفة السياسية ذاتها: "إنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على أساس حل الدولتين". إلا أن ما يميّز هذا المؤتمر عن سابقيه – حسب ما ورد في بيانه الختامي – ليس التوصيات، بل محاولة وضع إطار زمني حاسم لا يتجاوز خمسة عشر شهراً، لإنشاء دولة فلسطينية مستقلة.

من حيث الشكل، بدا البيان الختامي متماسكاً ومنسجماً مع المطالب الدولية التقليدية: دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام إلى جانب إسرائيل، إنهاء الاحتلال والنزوح، ورفض التهجير القسري. لكن من حيث المضمون، فإن العودة إلى "حل الدولتين" في ظل وقائع ميدانية معقدة – من استمرار الحرب في غزة إلى التمدد الاستيطاني في الضفة – تطرح تساؤلات عميقة حول واقعية هذا الطرح وقدرته على النفاذ إلى الأرض.

بين السقف السياسي والإرادة الغائبة
البيان دعا إسرائيل إلى إصدار التزام علني بحل الدولتين، وهو أمر يبدو حتى اللحظة بعيد المنال، في ظل خطاب سياسي داخلي إسرائيلي يميل أكثر إلى التشدد والنزعة الأحادية. كما أنه حمّل حركة حماس مسؤولية استمرار الأزمة، مطالباً بنزع سلاحها وإنهاء حكمها في غزة، الأمر الذي من شأنه تعقيد المشهد الفلسطيني الداخلي، خاصة وأن حماس لا تزال تحظى بحضور شعبي وتنظيمي لا يمكن تجاهله.

اللافت في البيان أيضاً هو التأكيد على تشكيل لجنة انتقالية في غزة تحت مظلة السلطة الفلسطينية، بما يعيد إلى الواجهة مشروع "غزة أولاً"، الذي قد يُفسّر كمدخل لتقويض تعددية القرار الفلسطيني لصالح مركزية سلطة واحدة وسلاح واحد – وهو ما يعكس الرغبة الدولية في هندسة الواقع الفلسطيني لا عبر المصالحة، بل عبر الإقصاء المنظم.

المساعدات والرهانات
من الناحية الإنسانية، طرح المؤتمر إنشاء صندوق دولي لإعادة إعمار غزة، والدعوة إلى تسريع تقديم المساعدات دون عوائق. وهي خطوة تبدو ضرورية في ظل الكارثة الإنسانية المستمرة، لكنها تصطدم بعقبات سياسية، أبرزها من سيتولى الإشراف على هذه الأموال؟ وهل يمكن ضمان عدم تسييس ملف الإعمار مجدداً كما حدث بعد حروب غزة السابقة؟

أما تأييد المؤتمر للخطة العربية لإعمار غزة، فهو يعكس محاولات إقليمية لإعادة التموضع في مسار ما بعد الحرب، لكن دون وضوح كافٍ بشأن هوية الجهة التي ستقود التنفيذ، وما إذا كانت هذه الجهود ستصطدم بتعقيدات الانقسام الفلسطيني الداخلي.
ما لم يقله المؤتمر
ورغم كل ما ذُكر، يبقى ما لم يُقَل في البيان لافتاً: لا حديث واضح عن آلية إلزام إسرائيل بخريطة الطريق هذه، ولا عن الضمانات الدولية لتنفيذ "الحل خلال 15 شهراً"، ولا حتى عن إجراءات لمساءلة من يعرقل هذا المسار – سواء من الطرف الإسرائيلي أو من جهات إقليمية ودولية لها دور مباشر في تمكين أو إضعاف فرص الحل.
الواقع أن مؤتمر نيويورك أعاد تدوير مفردات الخطاب الدولي التقليدي تجاه القضية الفلسطينية، لكنّه قدّم هذه المرة إطاراً زمنياً محكماً وإشارات جديدة نحو ترتيب البيت الفلسطيني الداخلي. مع ذلك، تبقى المعضلة في تطبيق هذه الوعود، في ظل فجوة بين الإرادة السياسية على الورق والتوازنات الجيوسياسية على الأرض.
حل الدولتين، كما طُرح في نيويورك، يشبه وعداً جديداً على طريق قديم، تعثّر فيه الكثيرون من قبل. والرهان اليوم ليس فقط على صدق النوايا الدولية، بل على قدرة الفلسطينيين أنفسهم على إنتاج قيادة موحدة واستراتيجية واضحة، يمكن أن تقابل هذه المبادرات بما تستحقه من جدية واستثمار وطني.

وفي انتظار الشهور الخمسة عشر الموعودة، يبقى السؤال مفتوحاً: هل يُمكن فعلاً إعادة إحياء حل الدولتين، أم أننا أمام عملية سياسية جديدة لإدارة الأزمة أكثر من حلّها؟











طباعة
  • المشاهدات: 7361
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
31-07-2025 01:40 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة الأشغال العامة والإسكان بقيادة ماهر أبو السمن؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم