29-07-2025 04:29 PM
بقلم : سجى مجدي الجراروه
في عالم يزداد فيه الوعي حول الصحة النفسية، يظل تأثير الكلمات الجارحة على الأطفال أمرًا لا يُؤخذ بالجدية التي يستحقها. فالكلمة الجارحة، وإن بدت بسيطة أو عابرة للكبار، قد تترك أثرًا عميقًا في نفس الطفل، وتؤثر على تكوين شخصيته وثقته بنفسه، بل وتمتد آثارها أحيانًا إلى مراحل متقدمة من حياته.
أثر الكلمات الجارحة على الطفل :
الطفل لا يملك الأدوات النفسية الكافية للتعامل مع الإهانات أو النقد القاسي. فعندما يسمع كلمات مثل "غبي"، "ما بتفهم"، أو "فاشل"، تبدأ هذه العبارات بالتسلل إلى تفكيره الذاتي، فيراها جزءًا من هويته. هذه الكلمات قد تخلق لديه شعورًا بالنقص أو الرفض، ما يؤدي إلى القلق، ضعف الثقة بالنفس، أو حتى الاكتئاب في بعض الحالات.
الكلمة أقوى من الضرب :
يشير مختصون في علم النفس إلى أن الجروح العاطفية الناتجة عن الكلام القاسي قد تكون أعمق وأطول أمدًا من الجروح الجسدية. فبينما يشفى الجسد بسرعة، تظل الكلمة السيئة عالقة في الذاكرة، تُعاد وتُكرر في عقل الطفل، وتؤثر على صورته الذاتية.
الأسرة هي الأساس :
البيت هو البيئة الأولى التي يتشكل فيها الطفل نفسيًا وعاطفيًا. فإذا كان الجو الأسري مليئًا بالصراخ والإهانات، فإن الطفل يتعلم أن هذا هو "الطبيعي"، ما يجعله إما عدائيًا مع غيره أو منطويًا خائفًا. أما إذا نشأ في بيئة تُقدّر مشاعره، وتوجهه بلطف، فإنه سينمو متوازنًا وسويًا نفسيًا.
كيف نحمي أطفالنا؟
1. انتقاء الكلمات: يجب أن نكون واعين لطريقة حديثنا مع أطفالنا، خصوصًا عند الغضب.
2. التحفيز بدلًا من الإهانة: إذا أخطأ الطفل، نوجهه ونصحّح له بخطاب داعم لا محبط.
3. الاعتذار عند الخطأ: لا بأس أن يعتذر الأهل إذا بدر منهم كلام جارح، فهذا يعلم الطفل أن الاحترام متبادل.
4. المتابعة النفسية عند الضرورة: إذا ظهرت على الطفل علامات قلق، انسحاب، أو تراجع دراسي، من الأفضل مراجعة مختص نفسي.
الأطفال أمانة، والكلمة التي نقولها اليوم قد ترسم ملامح شخصيتهم غدًا. فلنحذر مما نقوله، ولنجعل من كلماتنا مصدر بناء لا هدم، دعم لا إحباط. فكل كلمة تُقال لطفل تُساهم في بناء عالمه الداخلي، فإما أن يكون عالمًا مشرقًا، أو مليئًا بالظلال.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-07-2025 04:29 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |