28-07-2025 09:32 AM
بقلم : جهاد المنسي
قبل أيام فقط، صوّت الكنيست الإسرائيلي على مسودة قانون يدعو لفرض السيادة الإسرائيلية على الضفة الغربية وغور الأردن في خطوة تمثل، بكل وضوح، جريمة سياسية واستعمارية وقحة تُرتكب في وضح النهار، وبمباركة إسرائيلية داخلية، فهذا القرار لا يمكن النظر إليه إلا باعتباره إعلانا رسميا عن دفن حلّ الدولتين، وإصرارا على ترسيخ واقع الاحتلال، لا كأمر طارئ، بل كحالة دائمة.
ما جرى ليس «فرض سيادة» بالمفهوم القانوني، بل هو سرقة موصوفة لأرض ليست لها، بقوة السلاح وتحت غطاء نظام قانوني داخلي فاقد لأي شرعية دولية؛ إذ لا توجد دولة في العالم تُشرّع احتلالها بهذه الصلافة، وتطالب المجتمع الدولي الوقوف معها تحت سردية من الواضح أن العالم وخاصة الأوروبيين قد ملوا منها.
عمليا، فإن إسرائيل، عبر هذا القرار، تقول للعالم نحن فوق القانون؛ وتقول للفلسطينيين؛ أنتم غرباء في وطنكم، ولسنا مستعدين للتفاوض، بل لفرض السيطرة الكاملة؛ وتلك الإجراءات أو التلويح بها هي عودة لمنطق القوة لا قوة المنطق.
وقاحة قرار الكنيست جاء متزامنا مع قيام الكيان بتجويع أكثر من 2 مليون فلسطيني غزاوي؛ فالحصار الاستعماري الإسرائيلي لقطاع غزة لم يبدأ بعد السابع من أكتوبر من عام 2023 وانما بدأ قبل أكثر من 20 عاما؛ فإسرائيل لم تكتفِ بالحصار المستمر لما يقرب من 20 عاما وانما ذهبت مؤخرا لسياسة التجويع كوسيلة ضغط، وهذا التجويع تحول لسلاح إبادة بطيئة، حيث يموت الأطفال بسبب نقص الدواء، وتنهار المستشفيات بلا كهرباء، وتُمنع عن الناس المياه والطعام والوقود.
من يعتقد أن التجويع في قطاع غزة مؤقت أو مرحلي واهم، وانما هو سياسة متعمدة، ومعترف بها في أعلى المستويات السياسية والعسكرية الإسرائيلية؛ هنا نسأل، هل يجرؤ أي نظام في العالم على استخدام الجوع بهذا الشكل دون أن يُعاقب؟ الجواب: نعم، طالما كانت إسرائيل.
بالعودة لقرار الكنيست بفرض السيادة على الضفة الغربية وغور الأردن فإن خطورتها لا تتوقف عند الفلسطينيين، بل تصل لنا في الأردن؛ فإجراءات إسرائيل تتجاوز فيها اتفاقية السلام الموقعة مع المملكة، وتضرب عرض الحائط بكل القرارات الأممية، وليس هذا فحسب بل أن حديث جزاري الكيان عن الخيار الأردني لم يعد مجرد حديث صالونات، بل بات يُطرح بوقاحة في خطاب اليمين الإسرائيلي المتطرف الحاكم.
نحن في الأردن علينا توحيد رؤيتنا للوقوف في وجه المشروع الصهيوني، تمامًا كما فعلنا في محطات تاريخية سابقة؛ وخاصة بعد ما عرف بصفقة القرن وغيرها، لكن هذه المرة ستكون المواجهة أصعب، والتحالفات أضعف، والدعم العربي نادر.
الخطر ليس في سرقة الأرض الفلسطينية فقط، وانما أيضا على فلسطيني الـ48 فهم ليسوا بعيدين عن المشهد، بل هم في قلب الخطر، فالضم يُمهّد عمليًا للحديث عن تبادل سكاني؛ أي سحب جنسيتهم، فما يراد لأولئك القابضين على الجمر هو بمثابة اقتلاع ناعم، بعد عقود من التمييز والتهميش والشيطنة.
العالم مطلوب منه التحرك بشكل جدي وان لا يسكت أو يجامل في تلك المسالة فالإدانة بخجل والبيانات الناعمة لا تفيد في الدفاع عن الشرعية الدولية، فحتى الآن لم نرَ عقوبات، ولا مقاطعة، ولا مساءلة في المحافل الدولية لهذا الكيان الفاشي.
إن ظن الاحتلال أن قرار الكنيست الأخير قد يغير الحقيقة واهم، فالحقيقة الواضحة عنوانها أن إسرائيل كيان احتلال استعماري، لا تبحث عن سلام بل عن توسّع؛ وهي تمارس الفصل العنصري بغطاء قانوني داخلي، وتقونن سياسات الفصل والضم والتجويع.
نقول لأولئك القتلة سارقي الأرض أن التاريخ لا يرحم، والشعوب لا تنسى؛ وقد ثبت أن من يعتمد على القوة؛ وإن ظهر منتصرًا، يسقط حين تظهر الحقيقة، ويختفي عندما تصحو الإرادة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
28-07-2025 09:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |