20-07-2025 08:30 AM
بقلم : مكرم أحمد الطراونة
في خضم تساؤلات عديدة حول مستقبل الصدام المسلح الدامي الذي كان دائرا في الجنوب السوري، وتحديدا في مدينة السويداء، وتأثيراته المتوقعة على الحكم الجديد في سورية، يأتي اجتماع عمان الثلاثي أمس، ليؤكد التزاما عربيا ودوليا بالعمل على استقرار الجارة الشمالية الشقيقة، ومنع التدخلات الخارجية التي تذكي نيران الفرقة الطائفية والإثنية.
اجتماع عمان الأردني السوري الأميركي، وإلى جانب تأكيده الصارم على ضرورة تثبيت وقف إطلاق النار في السويداء بين الدروز والعشائر البدوية، أهميته تتأتى من أنه أوصل رسالة واضحة إلى الكيان الصهيوني بالكف عن إذكاء الفرقة عن طريق اللعب على وتر الطائفية والإثنية في القطر الشقيق، وأن العالم والدول العربية تريد أن ترى سورية مستقرة آمنة، وأن تعود إلى لعب دورها الطبيعي في المنطقة ككل.
التغيرات في موازين القوى التي شهدتها المنطقة في الآونة الأخيرة، إضافة إلى تشتت المجتمع الدولي، وعجزه عن مواجهة جرائم الاحتلال في قطاع غزة، جعلت الاحتلال يطمح بمزيد من "الإنجاز"، أو الخراب، على وجه الدقة، لذلك وجه بعض جهوده لإشعال الفتنة بين مكونات السويداء السورية، آملا بأن يفتح له ذلك باب التدخل الميداني المباشر، لتواجد طويل الأمد في الجنوب السوري.
التواجد طويل الأمد ليس تفكيرا لحظيا طارئا لدى الكيان، بل هو تفكير استراتيجي قديم، يسعى خلاله لبسط سيطرته من الجولان المحتل، ودرعا والسويداء، وصولا إلى مناطق الأكراد، فالحدود العراقية والتركية.
لكن اجتماع عمان الأخير، جاء بعكس ما تشتهي تل أبيب، خصوصا أنه ضم الحليف الأكبر لها؛ واشنطن، والتي يبدو أنها وصلت إلى قناعة أن نتنياهو لا يتورع عن أن يفتح بوابة الجحيم، ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم كله، وأنه مستعد للقيام بأي حماقة ما دام ذلك يخدم مصالحه الشخصية في التشبث بكرسي الحكومة المتطرفة، وأن ذلك سيبعده عن أي محاكمة.
ورغم الرسالة القوية التي وجهها الاجتماع، إلا أن ذلك قد ينهي "أحلام" نتنياهو بإشعال النار في القطر الشقيق، فرغبته في إضعاف سورية بتكريس الانقسام من خلال دعم الأقليات واللعب على وتر حقوقها، ستظل حاضرة، ما دمنا نتعامل مع شخصية تجاوزت جرائمها حدود المعقول؛ لذلك سوف يظل شبح التدخل الصهيوني في سورية خطرا محدقا، وسيسعى دائما لاستغلال تعقيدات المشهد الطائفي والإثني، ساعيا بكل أدواته لتفكيك الجارة الشمالية، ومنعها من إعادة بناء السلم المجتمعي.
تقسيم سورية هو ملف حاضر في الذهنية الصهيونية؛ قديما وحديثا، وربما تكوّن لدى الكيان فهم أن "الرخاوة" التي تعيشها المنطقة، وتراجع تأثير المجتمع الدولي ككل، إضافة إلى "مجاراة" واشنطن لكثير من سياسات الكيان، خصوصا في الأشهر الأخيرة، تمثل جميعها فرصة سانحة لتنفيذ مثل هذا المخطط في الوقت الراهن، فأقدم على "جس نبض" ليرى ردود الأفعال تجاه ذلك، وهي الردود التي لم تكن في مصلحة مخططاته.
اجتماع عمان تكفل بدعم سياسي للدولة السورية واستقرارها ووحدة أراضيها، وهي رسالة كانت واضحة للكيان والمنطقة والعالم كله، ورمى الكرة في ملعب السوريين أنفسهم، بأن عليهم أن يحرصوا على سلامة بلدهم وأمنه، فالمخططات للإطاحة بوحدته واستقراره كثيرة جدا.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
20-07-2025 08:30 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |