حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الإثنين ,21 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 37921

خالد ملحم يكتب: إصلاح العلاقات مع الخصوم اهم رحلة بين الاعتراف والتسامح

خالد ملحم يكتب: إصلاح العلاقات مع الخصوم اهم رحلة بين الاعتراف والتسامح

خالد ملحم يكتب: إصلاح العلاقات مع الخصوم اهم رحلة بين الاعتراف والتسامح

19-07-2025 02:20 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : خالد ملحم
لا يُبنى الإصلاح على إنكار الحقائق أو تزييفها. الخطوة الجوهرية تبدأ بالاعتراف الصادق بوجود خصومة حقيقية، وهذا يتطلب شجاعة نادرة في عالم يمجّد المظاهر ويخاف المواجهة.

النظرة الموضوعية للذات أولاً قبل الخصم تمثل منعطفاً حاسماً. عندما تسأل نفسك بإنصاف: "ما دوري في هذا الصراع؟"، قد تكتشف أن سلوكياتك - ولو غير مقصودة - ساهمت في تأجيج النزاع. هذه المراجعة الذاتية ليست تنازلاً عن الحقوق، بل هي عملية نضج ضرورية لفهم أبعاد المشكلة الحقيقية.

تموت العلاقات في ساحات الصمت، وتحيا في ساحات الحوار؛ فالمبادر بكسر حاجز الصمت يحتاج إلى شجاعة تفوق شجاعة المواجهة. لكن هذه المبادرة تتطلب حكمة في التوقيت والأسلوب باختيار اللحظة المناسبة بعيداً عن لحظات الغضب، واستخدام لغة "أنا" بدلاً من لغة الاتهام، يمكن أن يحدثا فرقاً جوهرياً. جملة مثل "أحتاج إلى فهم وجهة نظرك" تفتح أبواباً قد تغلقها إلى الأبد عبارة مثل "أنت سبب كل المشاكل".

يخطئ من يظن أن التسامح ضعف أو استسلام. الحقيقة أن التسامح قوة متجددة تمنح صاحبها حرية لا يعرفها المنتقمون. هناك فارق جوهري بين من يسامح لينقذ نفسه من سجن الكراهية، ومن ينتظر الاعتذار كشرط للمغفرة. النوع الأول يتحرر من أثقال الماضي، بينما يظل النوع الثاني أسيراً لانتظاره. هذا لا يعني التغاضي عن الأذى أو التنازل عن الحقوق، بل هو اختيار واعٍ للسلام الداخلي فوق كل الاعتبارات.

لا تعود الثقة المفقودة بين عشية وضحاها فعملية إعادة البناء تشبه زراعة بذرة تحتاج إلى صبر طويل ورعاية مستمرة. تبدأ بالأعمال الصادقة قبل الأقوال المعسولة: الوفاء بالوعود، احترام الحدود، وإثبات النوايا الحسنة عبر الأفعال لا الشعارات. البحث عن مصالح مشتركة أو ذكريات إيجابية يمكن أن يشكل أرضية صلبة للالتقاء من جديد. هذه العملية الدقيقة تتطلب إرادة صلبة وقلباً كبيراً.

ليس كل جسر يمكن إصلاحه، وليس كل خصم يرغب في المصالحة. الوصول إلى هذه القناعة ليس فشلاً، بل هو انتصار للحكمة على العاطفة. عندما يصبح الطرف الآخر غير راغب في الحل، أو عندما تكتشف أن العلاقة كانت سامة في أساسها، يأتي دور "التخلي الواعي". الحياد المحترم قد يكون الحل الأمثل بدلاً من استنزاف الطاقة في عداوة بلا طائل. يصبح الفرق بين الحكيم و الجاهل أن الأول يعرف متى يمسك ومتى يترك.

حياتنا الدنبا ليست ساحة حرب دائمة، ولا جنة سلام دائم. فن العيش الحقيقي يكمن في التمييز الدقيق بين ما يستحق الإصلاح وما يستحق التخلي.

فبعض العلاقات تخرج من أزمتها أقوى مما كانت، وبعضها يكون إنهاؤه انتصاراً للذات والكرامة. في النهاية، المهم أن تخرج من كل صراع وقد كسبت درساً جديداً، أو سلاماً داخلياً، أو على الأقل حافظت على إنسانيتك سليمة.

من يقرع الجرس اولاً و يبادر فقد فاز ..











طباعة
  • المشاهدات: 37921
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-07-2025 02:20 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم