حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,20 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 13490

د. حسين سالم السرحان يكتب: القبيلة والدولة .. تحالف الضرورة أم ازدواجية السلطة

د. حسين سالم السرحان يكتب: القبيلة والدولة .. تحالف الضرورة أم ازدواجية السلطة

د. حسين سالم السرحان يكتب: القبيلة والدولة ..  تحالف الضرورة أم ازدواجية السلطة

19-07-2025 08:45 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. حسين سالم السرحان
ظلّت العلاقة بين الدولة والقبيلة في الوطن العربي مسألة إشكالية ومعقّدة، تتراوح بين التحالف التكتيكي والازدواجية الوظيفية. ومنذ بداياتي الأكاديمية في تسعينيات القرن الماضي، أثناء إعداد أطروحة الدكتوراه في الجامعة التونسية، أوليت هذا الموضوع اهتمامًا خاصًا، لا سيما في ضوء ما لاحظته في الحالة الأردنية، حيث أظهرت نتائج الدراسة أن المواطن الأردني يخشى سلطة المجتمع – بما تحمله من قيم السمعة والمكانة – أكثر من سلطة القانون، ما يعكس طبيعة التوازن الدقيق بين الدولة والمجتمع.



من هنا، لم يكن مستغربًا أن تتصدر العلاقة بين القبيلة والدولة اهتمام المفكرين العرب، أمثال عبد الله العروي الذي رأى في كتابه “مفهوم الدولة” أن تأخر الدولة الحديثة في التشكل يعود إلى هيمنة البنى التقليدية كالعصبية والقبيلة، أو علي الوردي في “لمحات اجتماعية من تاريخ العراق الحديث” حيث حلل صراع البداوة والحضارة وأثره على تشكل الهوية العراقية. أما هشام جعيط، فقد تتبع في “الدولة والسلطة” نشوء الدولة من رحم القبيلة، وتحول القيادة من زعامة عشائرية إلى سلطة مؤسسية.



ورغم أن الصورة النمطية تُصور العرب وحدهم بوصفهم أسرى للروابط القَبلية، إلا أن التجارب السياسية تثبت أن الغرب نفسه حين يواجه مجتمعات ذات بُنية تقليدية، لا يتردد في العودة إلى القبيلة كأداة إدارة، ففي العراق مثلًا وخلال الاحتلال الأميركي، لجأت الولايات المتحدة الأميركية إلى العشائر لتشكيل “الصحوات” عام 2006، في محاولة لاستعادة السيطرة من تنظيم القاعدة، كمثال حي على توظيف القبيلة كوسيلة أمنية واجتماعية موازية للدولة.



اليوم، تتكرر هذه الديناميات في سوريا، حيث تُظهر الأحداث الجارية في الجنوب – لا سيما بين الدروز والبدو – كيف تتداخل الولاءات العشائرية مع الهويات الدينية والطائفية والسياسية، ما يجعل من بعض الزعامات الاجتماعية قوى لا تقل نفوذًا عن مؤسسات الدولة، وفي حالات أخرى، تتحول القبيلة إلى “دولة موازية”، خصوصًا حين تملك امتدادات عابرة للحدود.



في ضوء هذه المشاهد، يبرز السؤال المحوري:

هل نحن أمام لحظة عودة للقبيلة كفاعل سياسي مستقل؟ أم أن الدولة تستدعي القبيلة وقت الحاجة، ثم تعود لتهميشها؟


ما يجري في العراق وسوريا واليمن وليبيا، وغيرها من الدول العربية، يطرح تساؤلات جوهرية حول مشروع الدولة الحديثة. هل استطاعت الدولة أن تُدمج القبيلة في إطار وطني جامع؟ أم بقيت العلاقة قائمة على الحذر والتوجس المتبادل؟



الحقيقة أن القبيلة لا تمثل نقيضًا طبيعيًا للدولة، لكنها قد تتحول إلى بديل مؤقت عندما تغيب الدولة أو تضعف. ومن هنا، تكمن الخطورة في إدخال القبائل والمكوّنات العرقية في لعبة الصراع السياسي، مما يستوجب مراجعة عميقة لطبيعة العلاقة لتصبح قائمة على إعادة بناء الثقة، وترسيخ المواطنة، وتحقيق عقد اجتماعي أكثر عدلاً واندماجًا.



إن معالجة هذه المسألة ليست ترفًا فكريًا، بل ضرورة سياسية وأمنية ومجتمعية، تهمّ الحاضر وتؤسس لمستقبل الأجيال، وهي بلا شك، من الملفات التي تستحق دراسات علمية معمقة ونقاشًا وطنيًا صريحًا وشجاعًا.



 

 








طباعة
  • المشاهدات: 13490
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
19-07-2025 08:45 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم