17-07-2025 09:43 PM
سرايا - لم يكن راتب الموظف علي محمد، الذي لا يتجاوز 550 دينارا، كافيا الشهر الحالي، لتغطية نفقات منزله الكائن في الزرقاء، فإلى جانب الإيجار وفواتير الكهرباء والماء، وجد نفسه مضطرا إلى حضور ثلاث حفلات زفاف خلال أسبوعين، ما دفعه للاستدانة من زميله في العمل.
"لا مهرب من المناسبات الاجتماعية، كل مناسبة إلها ظرفها ومتطلباتها"، يقول محمد، معترفا أن إصلاح أحد أبواب منزله سيؤجل لشهر آخر على الأقل.
حال علي لا يختلف كثيرا عن الأربعيني راضي خليل، الذي تنتظره هذا الصيف أربع مناسبات اجتماعية، ما دفعه لاقتطاع جزء من راتبه في حزيران (يونيو) وتموز (يوليو) لتغطية نفقاتها.
وأضاف "المناسبات اليوم قد تكون أقل من السابق، لكنها أصبحت أكثر كلفة. زمان كانت بسيطة، واليوم البساطة نفسها تكاد تجرم اجتماعيا".
أما الأرملة الخمسينية أم علي، فقد اضطرت إلى إقامة حفل تخرج رسمي لابنتها الجامعية، رغم نيتها الاكتفاء بـ"لمة عائلية بسيطة".
وتقول "إن ضغوطات الأقارب وإلحاح ابنتها المتأثرة بمنصات التواصل الاجتماعي دفعاها إلى حجز صالة صغيرة، أنفقت عليها كامل مدخراتها السنوية.
استحقاقات صيفية مرهقة
مع بداية الصيف، تتزاحم المناسبات الاجتماعية من حفلات زفاف وتخرج واحتفالات الثانوية العامة، لتتحول إلى استحقاقات مالية مرهقة تضغط على ميزانيات العائلات، خاصة من أصحاب الدخل المحدود والمتوسط.
وفي ظل ارتفاع كلف المعيشة وتآكل الأجور، الكثيرون يواجهون هذه المناسبات عبر الاستدانة أو التقشف، وسط توقعات اجتماعية مرتفعة وسقف مناسبات يعلو عاما بعد عام.
في ظل هذه الظروف، تبدو المناسبات الصيفية الاجتماعية وكأنها "سلاح ذو حدين"، فهي من جهة، ضرورية اجتماعيا وعاطفيا، لكنها من جهة أخرى، تمثل اختبارا قاسيا لقدرة الأسر الأردنية على الصمود المالي.
وبين ضغط التقاليد وغلاء المعيشة، تبقى الخيارات محدودة والكلفة مستمرة في الارتفاع.
مناسبات الصيف تشعل التضخم
الخبير الاقتصادي حسام عايش، يرى أن كثافة المناسبات خلال الصيف، من زفاف وتخرج إلى ولائم وزيارات، تفرض أعباء مالية كبيرة على الأفراد والأسر، خاصة في ظل ارتفاع الطلب على قطاعات خدمية وترفيهية، ما يدفع الأسعار إلى الارتفاع.
وأوضح أن هذه المناسبات لا تستهلك فقط الجزء الأكبر من الدخل الشهري، بل تدفع بالكثيرين إلى تأجيل سداد الفواتير أو الأقساط البنكية، أو حتى التوقف عن شراء احتياجات أساسية لتلبية متطلباتها.
ويحذر عايش من أن الضغوطات الاجتماعية ما تزال تجبر الكثيرين على الانخراط في هذه المناسبات المكلفة، خشية النظر إليهم على أنهم مقصرون أو أقل مكانة، ما يدفعهم نحو الاقتراض على حساب الاستقرار المالي.
وأشار إلى أن ضعف ثقافة الادخار فاقم هشاشة الوضع المالي للأسر، خاصة بعد تراجع نسبة الأردنيين الذين يدخرون في حسابات رسمية من 9.35 % في العام 2017، إلى 4.35 % في العام 2022، بحسب نتائج دراسة الاشتمال المالي الصادرة عن البنك المركزي العام 2023.
حلول مقترحة
ويرى عايش أن الحل لا يكمن فقط في زيادة الدخل، بل في إعادة هيكلة الإنفاق وتبني نمط استهلاكي واقعي يتناسب مع الإمكانيات، لبناء ثقافة مالية مستدامة قادرة على التعامل مع التغيرات المفاجئة وتجنب الإعسار.
من جهتها، دعت الجمعية الوطنية لحماية المستهلك المواطنين، إلى تجنب مظاهر التباهي المفرط في المناسبات الاجتماعية، والإنفاق بما يتناسب مع القدرات المالية وعدم تحميل النفس فوق طاقتها.
وأكدت الجمعية أن الإسراف والتبذير يؤديان إلى تدمير الحياة الاقتصادية للأسر وترسيخ عادات استهلاكية مدمرة، داعية إلى التخطيط المسبق للمناسبات وتحديد الأولويات وتقليل الهدر، خصوصا في كميات الطعام.
وبحسب تقرير دائرة الإحصاءات العامة، ارتفع معدل التضخم في الأردن خلال النصف الأول من العام الحالي، بنسبة 1.98 %، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، حيث بلغ الرقم القياسي لأسعار المستهلك 112.55، مقابل 110.36.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
17-07-2025 09:43 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |