حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأحد ,13 يوليو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 3474

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: تقرير دولي يوثق الجرائم الإسرائيلية في غزة

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: تقرير دولي يوثق الجرائم الإسرائيلية في غزة

أ. د. ليث كمال نصراوين يكتب: تقرير دولي يوثق الجرائم الإسرائيلية في غزة

13-07-2025 09:38 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : أ. د. ليث كمال نصراوين
أصدرت المقررة الخاصة للأمم المتحدة المعنية بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة فرانشيسكا ألبانيزي تقريرا استثنائيا قبل أسابيع تضمن توثيقا لجرائم الإبادة الجماعية التي ارتكبها الكيان الإسرائيلي بحق الفلسطينيين في قطاع غزة، وطالبت بملاحقة الأشخاص المتورطين بهذه الجرائم.

ففي تقريرها الأخير بعنوان "من اقتصاد الاحتلال إلى اقتصاد الإبادة الجماعية"، قدمت المقررة ألبانيزي توصيفا دقيقا للفظائع الجارية في قطاع غزة واعتبرتها "حملة إبادة جماعية"، حيث تميز هذا التقرير عن الأعمال الدولية السابقة بأنه قام بالتركيز على تورط جهات غير حكومية، أهمها شركات متعددة الجنسيات، في دعم العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد السكان المدنيين، الأمر الذي استدعى مقاربة موسعة لفهم الأبعاد القانونية لهذا التورط.

وقد اسندت المقررة ألبانيزي في تقريرها على مجموعة من الأطر القانونية الدولية أهمها اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية لعام 1948، التي تعرّف الإبادة بأنها "أفعال تُرتكب بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية"، حيث توسعت في وصف جرائم الإبادة الإسرائيلية لتشمل القتل الجماعي، والتسبب في ضرر جسدي أو نفسي جسيم، وفرض ظروف حياة تؤدي إلى التدمير، ومنع المساعدات الإنسانية، والاستهداف المتعمّد للأطفال والنساء.

كما اشتمل التقرير الدولي على مجموعة من الأدلة والقرائن الدامغة التي تثبت تورط الكيان الصهيوني في جرائم الإبادة الجماعية الممنهجة، حيث تم رصد التصريحات العلنية لمسؤولين إسرائيليين حملت نية واضحة مبيّتة للإبادة، كالدعوة إلى "محو غزة من الخريطة" و"التعامل مع المدنيين باعتبارهم أهدافا عسكرية". ووثقت المقررة الدولية الممارسات الميدانية للعدوان الصهيوني الذي استهدف البنية التحتية لقطاع غزة من مدارس ومستشفيات ومحطات الكهرباء والمياه، وسياسة التجويع ومنع دخول الغذاء والدواء والمساعدات الإنسانية، والتهجير القسري الواسع.

ويبقى العنصر الأبرز في هذا التقرير أنه أشار ولأول مرة إلى مسؤولية بعض الشركات الدولية عن دعم الكيان الصهيوني في جرائمه المرتكبة بحق السكان في قطاع غزة، حيث جاء على ذِكر شركات عابرة للحدود متورطة في هذه الأفعال الجرمية من خلال إما تزويد إسرائيل بالأسلحة والمعدات، أو توفير أنظمة الذكاء الاصطناعي، أو تسهيل عمليات الهدم والبناء في المستوطنات.

وتتمثل أهمية هذا التقرير الدولي بأنه قام بتسليط الضوء على واقع جرائم الاحتلال في قطاع غزة، وتوثيقها بالأحداث وأرقام الضحايا من شهداء وجرحى من الفئات المستضعفة، مما يجعل منه وثيقة دولية هامة تتضمن توصيفا أمميا لما يحدث في غزة بأنه جريمة إبادة جماعية.

فالدول الأطراف في اتفاقية الإبادة الجماعية أصبح بإمكانها الاستناد إلى هذا التقرير الأممي لممارسة حقها بالشكوى وتقديم الإخطارات الدولية استنادا لأحكام المادة (8) من الاتفاقية الدولية التي تنص على أنه يحق لأي من الأطراف المتعاقدة أن يطلب إلى أجهزة الأمم المتحدة المختصة أن تتخذ، طبقا لميثاق الأمم المتحدة، ما تراه مناسبا من التدابير لمنع وقمع أفعال الإبادة الجماعية أو أي من الأفعال الأخرى المذكورة في الاتفاقية.

كما أن من شأن هذا التقرير أن يعزز من موقف المحكمة الجنائية الدولية بأن يقدم لها دليل إثبات قانوني يدعم إجراءات التحقيق الأولية التي بدأتها في جرائم الاحتلال الإسرائيلي، وأن يعزز من قناعة جهة الاتهام والمحاكمة بأن جرائم القادة الإسرائيليين تستوجب رفع الحصانة السياسية والدبلوماسية عنهم، وتعاونا من جانب الدول الأعضاء لإلقاء القبض عليهم وتسليمهم للعدالة الدولية تمهيدا لمحاكمتهم.

وكنتيجة طبيعية لما تضمنه تقرير ألبانيزي من أدلة ثابتة على تورط الكيان الصهيوني بجرائم إبادة جماعية في غزة، سارعت الولايات المتحدة الأمريكية إلى فرض عقوبات على المقررة الدولية بحجة أنها تقوم "بجهود غير شرعية ومخزية لحث المحكمة الجنائية الدولية على التحرك ضد مسؤولين وشركات ومديرين تنفيذيين أميركيين وإسرائيليين".

وهنا يثور التساؤل حول مدى توافق القرار الأمريكي مع الحماية الدولية للمقررين الدوليين الذين هم خبراء مستقلون يُعينهم مجلس حقوق الإنسان لرصد أوضاع حقوق الإنسان إما في دول بعينها أو بشأن قضايا محددة كالتعذيب وحرية التعبير. فهم يتمتعون بحماية قانونية بموجب اتفاقية امتيازات الأمم المتحدة وحصاناتها لعام 1946 التي تنص في المادة (6) منها على أن خبراء الأمم المتحدة يتمتعون بالحصانة من الإجراءات القانونية بشأن ما يصدر عنهم من أقوال أو كتابات أو أفعال أثناء تأدية مهامهم.

كما صدرت العديد من القرارات عن الجمعية العامة للأمم المتحدة تدعو فيها الدول الأعضاء إلى احترام استقلالية المقررين وحمايتهم من التهديدات أو الانتقام أو المضايقات، وبأنه يتعين على الدولة المعنية أن تتعاون مع المقرر الخاص عند زيارته وتأمين تحرّكه وسلامته، وأن أي عقوبة أو تهديد يتعرض له يعد انتهاكا لالتزامات الدولة المقررة بموجب ميثاق الأمم المتحدة.











طباعة
  • المشاهدات: 3474
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
13-07-2025 09:38 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما رأيك بأداء وزارة الاستثمار برئاسة مثنى الغرايبة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم