07-07-2025 03:41 PM
بقلم : خالد ملحم
في قلب شريعة الفطرة الربانية لاستخلاف بني آدم، يقف الزواج كصرح شامخ يحمل رسالة عظيمة تتجاوز كونه مجرد ارتباط بين رجل وامرأة. فهو مشروع رباني متكامل، ومدرسة تربوية عالية المستوى، وورشة عمل لإعداد الأجيال الصالحة. يقول تعالى في القران العظيم : "وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُم مِّنْ أَزْوَاجِكُم بَنِينَ وَحَفَدَةً" (النحل:آيه 72).
في ظل التحديات المعاصرة التي تواجه الأسرة ، يبرز الزواج الناجح كحصن منيع يحفظ كيان المجتمتعات وهويتها. فالزواج في ليس مجرد عقد دنيوي، بل هو "ميثاق غليظ" كما وصفه الخالق عز وجل في صورة (النساء: آيه21 ) يجمع بين متطلبات الحياة الدنيا وسعادة الآخرة.
فالبيت هو الحضن الدافئ الذي تنمو فيه البراعم الإنسانية، وهو المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل معنى الإيمان والقيم. فالوالدان ليسا مجرد أبوين، بل هما معلمان ومربيان، وقادة مشروع إنساني عظيم. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "كل مولود يولد على الفطرة، فأبواه يهودانه أو ينصرانه أو يمجسانه".
في عصر طغت فيه الماديات ووسائل الإعلام المختلفة، أصبحت التحديات المعاصرة التي تواجه التربية مع انشغال الأبوين عن متابعة الأبناء التي تحتاج إلى جهد مضاعف وحكمة بالغة. فالأسرة المسلمة تواجه اليوم غزوًا ثقافيًا عبر وسائل التواصل تزاحمه تناقضًا بين قيم البيت والمجتمع وضعفًا في القدوات الحية.
إن ثمرة هذا الجهد التربوي لا تقتصر على الدنيا فحسب، بل تمتد اجرا عظيما يمتد للآخرة. عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "إذا مات الإنسان انقطع عنه عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له".
فالزواج الناجح هو الذي ينتج أبناء صالحين يكونون قرة عين للوالدين في الدنيا، وذخرًا لهما في الآخرة. وهذه هي الغاية السامية التي تجعل من الزواج مشروعًا إلهيًا متكاملاً، وليس مجرد علاقة عابرة.
الزواج الحقيقي هو ذلك الذي يحقق السكينة الدنيوية مع السعادة الأخروية، حيث يصبح كل تفصيل في الحياة الزوجية وسيلة للتقرب إلى الله. كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "الدُّنْيَا مَزْرَعَةُ الْآخِرَةِ". فليحرص كل زوجين على أن تكون زروعهم في هذه المزرعة من الأعمال الصالحة التي تثمر سعادة في الدارين.
إن الزواج الناجح يخلق حلقة متكاملة حين يستمد الزوجان قوتهما من الإيمان بالآخرة في تحمل مشاق الحياة الدنيا فتتحول التضحيات اليومية إلى حسنات تزيد في الميزان
حينها تصبح العلاقة الزوجية عبادة يؤجر عليها الطرفان.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-07-2025 03:41 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |