07-07-2025 09:09 AM
بقلم : جهاد المنسي
في ظل توترات الإقليم المتصاعدة، والتي تكون إسرائيل دوما طرفا في إشعال فتيلها، وبعد معاينتنا تغير أولويات الأجندة الدولية، التي تنكشف ميلها للاحتلال، يغيب عن الذاكرة الأممية- عن قصد- أن هضبة الجولان السورية كما الضفة الغربية وقطاع غزة ما تزال تحت الاحتلال الإسرائيلي منذ عام 1967، وأن قرارات الشرعية الدولية التي من المفترض أن ترعاها الأمم المتحدة بكل الطرق لم تنفذ حتى الآن رغم مرور 58 عاما على الاحتلال.
ما يزيد الطين بلة أن إسرائيل رغم ذاك تكثف توغلاتها العسكرية في العمق السوري، فضلا عن مجازر وإبادة جماعية في قطاع غزة، واحتلال مباشر في الضفة الغربية ومزارع شبعا اللبنانية، ورغم ما يقوم به الاحتلال من توغلات في العمق السوري ووصول دباباته لمحافظات درعا وما بعدها فإن المجتمع الدولي، وعلى رأسه الأمم المتحدة، يلتزم الصمت، أو يكتفي ببيانات خجولة لا تُحدث فرقا جوهريا، بيد إن هذا الصمت والخنوع الأممي لن يلغي حقيقة ثابتة أن قطاع غزة والضفة الغربية وأيضا هضبة الجولان تحت الاحتلال.
فيما يتعلق بالجولان فقط للتذكير فإن الهضبة التي تقع جنوب غرب سورية، وتبلغ مساحتها حوالي 1,800 كيلومتر مربع، وتمتاز بأهميتها الإستراتيجية والعسكرية والاقتصادية، وقد خسرتها سورية في حرب يونيو/حزيران 1967، حيث احتلتها إسرائيل إلى جانب الضفة الغربية وقطاع غزة وسيناء، وحاولت سورية استعادتها في حرب تشرين 1973، إلا أن جزءًا بسيطًا فقط عاد إلى سيادتها (القنيطرة)، بينما بقي معظم الهضبة تحت الاحتلال، وفي عام 1981 أقر الكنيست الإسرائيلي (قانون ضم الجولان)، وهو قانون مرفوض دوليًا ولم تعترف به أي دولة سوى الولايات المتحدة في عام 2019 في ولاية الرئيس دونالد ترامب الأولى، وهي الخطوة التي قوبلت بإدانة واسعة، ورغم أن مجلس الأمن الدولي أصدر القرار رقم 497 (1981) الذي يؤكد أن ضم الجولان باطل ولاغٍ، لم يُتبع القرار بأي إجراءات عملية، وبهذا، استمرت إسرائيل في فرض سيطرتها على الأرض عبر الاستيطان والتهويد.
ومنذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، اتخذت إسرائيل من ذاك ذريعة لتوسيع تدخلاتها العسكرية والأمنية في الداخل السوري، وعززت سيطرتها على الجولان وعملت على توسيع عمقها الأمني في الأراضي السورية، وبعد سقوط حكم بشار الأسد قامت إسرائيل بقصف مستمر للبنية التحتية السورية من خلال ضربات جوية متكررة طالت مطارات ومستودعات وطرق إمداد، ومواقع عسكرية، خاصة في دمشق وريفها، وحمص، دير الزور، والسويداء، ومع ذلك، لم يسجل أي تحرك حقيقي دولي لردع هذه الانتهاكات، بل باتت الضربات الإسرائيلية تمرّ مرور الكرام في نشرات الأخبار، دون مساءلة أو حتى بيانات إدانة من الأمم المتحدة.
خطورة ما يجري حاليا يكمن في أن التعامل الدولي والإقليمي مع الجولان بات كانه مجرد (أمر واقع) يعطي الاحتلال شرعية زائفة، فبدأت دول تتجنب الإشارة إلى الاحتلال سواء في الضفة أو الضفة أو الجولان، مكتفية بمصطلحات فضفاضة، مثل (الوضع القائم) حتى باتت أخبار القصف الإسرائيلي على سورية أو التوغلات الإسرائيلية في الضفة الغربية والمسجد الأقصى تعرض كخبر عابر، وهو ما بات أكثر ميلا لسردية الاحتلال الإسرائيلي.
وجب علينا تذكير المجتمع الدولي والأمم المتحدة ليل نهار أن الضفة الغربية وقطاع غزة والجولان ومزارع شبعا محتلة فذاك يعني أن الاحتلال لا يغسل بالزمن، وأن القانون الدولي لا يُنتقى حسب مصالح القوى العظمى، وأن السكوت ليس حيادًا بل مشاركة ضمنية في الجريمة، وأن الصمت في ظل استمرار انتهاكات الاحتلال وبقائه يعد تواطؤًا سياسيا وجب فضحه، وفي كل لحظة يتم فيها التذكير أن القطاع والضفة والجولان محتلة يعني بداية استعادة الوعي، ثم الإرادة، ثم الكرامة.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
07-07-2025 09:09 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |