06-07-2025 08:26 AM
بقلم : بهاء الدين المعايطة
في الوقت الذي يمر به الوطن بتحديات جسام، ويستدعي منّا أن نقف جميعًا صفًا واحدًا خلف جيشه ومؤسساته، نُفاجأ بأن منابر إعلامية اختارت الاصطفاف على هامش المسؤولية، منشغلة بتفاصيل تافهة وأخبار لا تليق بصفحاتها الأولى، بل ولا ترقى حتى لمستوى الاهتمام العام. فهل باتت بعض الشخصيات التي تروّج للتفاهات والمحتوى الفارغ من المضمون، هي من تُمنح المساحة الأوسع في المشهد الإعلامي؟
الوطن اليوم بحاجة إلى إعلام مسؤول، يعيد ترتيب أولوياته، ويعيد بناء ذاته على أساس من القيم والثوابت التي لطالما شكّلت عمق رسالته. لم نعتد في السابق أن نرى مثل هذا الانحدار في اختيار المحتوى، ولم نألف أن تُروَّج قضايا سطحية على حساب ما هو وطني وجاد.
لقد أصبح بعض الإعلام اليوم لا يكتفي بالتجاهل، بل يطرح تلك التفاهات على صدر صفحاته، وكأنها الإنجاز الأهم أو القضية الأبرز. والمؤلم أكثر أن ذلك يحدث في وقت تُشن فيه حملات إعلامية خارجية تسعى لتشويه صورة الوطن، والنيل من سمعته، وتدنيس رسالته التي كانت ولا تزال موضع فخر واعتزاز لكل أردني غيور.
هنا نطرح السؤال الجوهري: ما الفائدة من الترويج لأخبار توقيف أشخاص هم في الأصل عبء على المجتمع وبنيته؟ هل أصبح التافهون أبطالًا؟ وهل من المنطق أن نهدر مساحاتنا الإعلامية لمن ساهموا في إفساد الذوق العام وتغييب الوعي؟
المطلوب اليوم هو وقفة حقيقية، نعيد فيها صياغة نهجنا الإعلامي، ونحسم فيها خياراتنا: إما أن نكون صوت الوطن، أو صدى لتفاهات لا تبني وطنًا، ولا تليق به.
وإن الدور الحقيقي للإعلام لا يقتصر على نقل الأخبار فقط، بل يتعداه إلى تشكيل الوعي، وبناء الرأي العام، والدفاع عن القيم الوطنية، خاصة في أوقات تحتاج فيها الأوطان إلى كل قلم شريف وصوت مسؤول. فما نشهده اليوم من تصدر بعض الأسماء التي لا تحمل من القيمة سوى الضجيج، هو تراجع خطير عن رسالة الإعلام النبيلة، وإضعاف للثقافة العامة التي باتت تعاني من تهميش القضايا الجوهرية.
لقد غابت الملفات الوطنية الكبرى عن عناويننا، وابتعدنا عن تسليط الضوء على الإنجازات، وعن قصص الجنود والمعلمين والمزارعين والكوادر الصحية الذين يصنعون الفارق الحقيقي على أرض الواقع. وتم استبدالهم بأشخاص صنعوا شهرتهم على حساب السطحية والإثارة الرخيصة.
وهنا يأتي دور الجهات المعنية بتنظيم المشهد الإعلامي، بدءًا من وزارة الإعلام، مرورًا بنقابة الصحفيين، وليس انتهاءً بالمؤسسات الإعلامية نفسها، في ضبط البوصلة، ووضع معايير واضحة تُعيد للمهنة هيبتها، وتحمي الجمهور من التلوث الفكري الذي بات يُقدم على أنه "ترفيه".
الرهان الحقيقي اليوم ليس على عدد المتابعين، بل على جودة المحتوى، وعمق الرسالة، وتأثير الكلمة. فالكلمة الحرة النزيهة هي التي ترفع من شأن الأمة، وتُسهم في تحصينها من الداخل، ضد كل حملات التشويه والتضليل.
فليكن إعلامنا صوتًا للوطن، لا صدى للضجيج.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
06-07-2025 08:26 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |