30-06-2025 09:31 AM
بقلم : جهاد المنسي
تسير الترتيبات الإقليمية في منطقة الشرق الأوسط بوتيرة متسارعة، وتحمل في داخلها تحديات عميقة، بعضها سيؤثر علينا بشكل أو بآخر، الأمر الذي يضعنا في أتون منعطفات إقليمية شديدة التعقيد، فمن يعتقد أن حرب الـ12 يوما التي جرت بين إسرائيل وإيران إثر العدوان الإسرائيلي الذي طال طهران لن ينتج عنها خلق تحالفات إقليمية جديدة فهو واهم.
فالمنطقة ستشهد تحولات غير مسبوقة، وتغييرا في موازين القوى، وسينتج عن ذلك ظهور تحالفات إقليمية جديدة، وزيادة التحديات الأمنية والاقتصادية، فإسرائيل الذي تعرّضت لضربات إيرانية في قلبها لن تنسى ذلك، وإيران التي لمست الرفض الدولي لبرنامجها النووي ستأخذ ذلك بنظر الحسبان، ولهذا بات علينا في الأردن قراءة القادم والتعامل مع المجريات وفق رؤية سياسية عميقة، ولعب دور فاعل فيما يجري.
ولأن القضية الفلسطينية حجر الرحى في المنطقة، وأساس أي تغيرات جذرية فإنه يتوقع أن نشهد في قادم الأيام تحركات إقليمية بقيادة دول محورية كالولايات المتحدة لإيجاد حلول لن تكون مرضية- كما العادة - وستذهب لصالح إسرائيل ورغباتها، وتطلعاتها التوسعية، من خلال إسقاط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، وفرض حلول اقتصادية كبدائل عن الحلول السياسية والحقوقية، وتقسيم الأراضي الفلسطينية وتحويل القضية إلى (أزمة إنسانية)، وتغيير الوضع القانوني والديموغرافي في القدس والضفة الغربية، وتطبيع العلاقات مع الاحتلال دون تحقيق أي مكاسب للفلسطينيين، وإنكار الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني كالحق في العودة، وإقامة الدولة الفلسطينية، ومقاومة الاحتلال بكل أشكاله، وتقويض القانون الدولي والشرعية الدولية، وخلق واقع جديد بالقوة من خلال التوسع الاستيطاني، وتهويد القدس، والسيطرة على الموارد.
هذا يتطلب منا في الأردن قراءة المشهد بكل أبعاده ووضع تصورات مسبقة، والاستناد لحقيقة ثابتة أن الأردن له موقف ثابت تم التعبير عنه في كل المحافل الدولية وهو دعم حل الدولتين، والتمسك بالوصاية الهاشمية على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، ومعارضة الترتيبات الأحادية التي تمس الوضع القانوني للقدس أو أي ترتيبات خاصة بالقضية الفلسطينية لا تستند إلى قرارات الشرعية الدولية، وحل مشكلة اللاجئين.
هذا الموقف الواضح حتى يتحقق بشكل تكاملي وسياسي يتطلب وجود مؤسسات قوية تدعم وتساند، وعلى رأس تلك المؤسسات يبرز مجلس النواب، فالمجلس لا يمثل فقط سلطة تشريعية، بل يشكل أيضًا ركيزة وطنية في دعم القرار السيادي، وصوت الشعب في وجه التحولات الجيوسياسية، وقيام النواب بدورهم الكامل، سواء عبر الرقابة أو التشريع أو المشاركة السياسية الفاعلة، بات ضرورة وطنية، ولا يجوز أن يبقى المجلس بعيدا عما يجري وينظر إليه كمراقب فقط، وإنما عليه الانغماس والتعاطي معه ليشكل سدا للدفاع عن السيادة والمصلحة العليا للدولة، ويقف لمنع أي محاولات إقليمية أو دولية لفرض ترتيبات لا تخدم مصالح الأردن، وبالتالي فإن غياب مجلس النواب عن المشهد لا يستقيم، ويتطلب منه التداعي والتشاور وعدم الاتكاء بأن مجلس النواب في دور عدم الانعقاد، والمسارعة لتشكيل رؤية وطنية جامعة وترك أي خلافات داخلية بين الكتل والأحزاب والتعامل مع المرحلة بشكل جمعي وليس من خلال منظور فردي أو أحادي.
اكتفاء مجلس النواب بإصدار بيانات لم يعد كافيا، وغياب النواب عن المشهد السياسي والإقليمي يضع علامات سؤال لا منتهية حول قدرتهم على مجارات المرحلة، ولذا فإن الأصل أن ينتبه المجلس لدوره ويفعله بالشكل الذي يجب أن يكون، فهذا ليس خيارًا بل ضرورة وطنية تفرضها التحديات الراهنة وتستدعيها متطلبات المرحلة القادمة.
الغد
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
30-06-2025 09:31 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |