29-06-2025 10:57 PM
الدكتور صبري راضي درادكه
هل هناك دلالة بين صعوبة الأسئلة في الفرع العلمي وخاصة الرياضيات هذا العام (2025) لطلبة جيل 2007، ومنهاج الحقل الصحي لجيل 2008 في امتحاناتهم القادمة بتاريخ 31/7/2025؟ والذي يخلو من الرياضيات".
في مقاليَّ السابقين، وقفتُ على ظاهرة مقلقة تعصف بالتوجيهي الأردني، وهي التشدد المتزايد في وضع أسئلة الامتحانات، وخصوصًا في الفرع العلمي، وخاصة امتحان الرياضيات للمتقدمين هذا العام من جيل (٢٠٠٧) كانت ملاحظاتي مبنية على رصد حقيقي لانطباعات الطلبة، واستعراض اراء أصحاب التخصص في الرياضيات والقياس والتقويم، وردود الفعل الشعبية والتعليمية. ما بدا في البداية وكأنه "تصعيب" عابر لضبط جودة المخرجات، بدأ يتضح اليوم أنه ربما جزء من نهج أوسع وأكثر تعقيدًا في ظل تمترس الوزارة ان الأسئلة من الكتاب و التبريرات التى لم تقنع الكثير من اهل الاختصاص.
والأخطر من ذلك أن ما كنا نظنه مجرد "تشدد امتحاني" أن يرتبط عضوياً بنظام تعليمي جديد، أفرز تناقضات صارخة، أبرزها ما نراه في مسار الحقل الصحي ضمن المنهاج الجديد، حيث يفاجَأ الطلبة الذين اختاروا هذا المسار – ولو تفوقوا في التوجيهي – بعدم أهليتهم لدراسة الطب خارج الأردن! في حالة عدم تمكنهم من دراسة الطب تبعا لسياسة خفض المعدلات المرتفعة لطلاب العلمي ليتوازى مع خفض اعداد الذين سيتم قبولهم في كليات الطب ويرافق ذلك خفض المعدلات إلى ما دون المعدل الذي تم إعتماده من التعليم العالي من خلال رفع معدلات القبول للطب خارج الاردن ٩٠٪ الحد الادنى.
نعم، لقد أصبح الحقل الصحي قيدًا لا بوابة، وسقفًا لا أفقًا.
حين يتعرض الطلبة لأسئلة تتجاوز قدراتهم – كما شهدنا في امتحان الرياضيات الورقة الأولى الرياضيات مثلاً والتى مازلنا ننتظر الحلول من وزارة التربية والتعليم – فإننا نفترض أن الغاية هي التمييز بين المجتهد والعادي، وضمان الكفاءة. لكن حين تضاف إلى ذلك قيود أكاديمية لاحقة تمنع الطالب جيل ( 2008) من استخدام تفوقه خارج الأردن، يصبح التشدد غير مبرر، بل عبئًا مضاعفًا.
بمعنى آخر، أنت تُجهد الطالب في الامتحان ثم تحرمه من الاستفادة من هذا الجهد!
فما الفائدة من نحت جبل التفوق، إذا كانت النتيجة هي بوابة مغلقة؟
يتبين من هذا الواقع أن هناك فجوة تنسيقية خطيرة بين وزارة التربية ووزارة التعليم العالي من جهة، وبين السياسات الخارجية في الاعتراف الأكاديمي من جهة أخرى. لم يكن كافيًا أن يتم تصميم حقل جديد في المنهاج (كالحقل الصحي) دون النظر في مآلاته الدولية. والنتيجة: آلاف من الطلبة قد يُحرَمون من متابعة حلمهم بدراسة الطب أو التخصصات الطبية في جامعات خارج الأردن، ولو تفوقوا في التوجيهي. بالإضافة إلى أضعاف شهادة الثانوية العامة الأردنية.
رسالتي الى صناع القرار.. إن المطلوب اليوم ليس فقط مراجعة صيغ الامتحان أو شكل المنهاج، بل إعادة النظر في فلسفة التعليم الثانوي بأكملها.
إذا كانت الغاية من التشدد هي تقنين العدد وضبط الجودة، فليكن ذلك واضحًا ومعلنًا، وبما لا يظلم الطلبة.
أما أن نُشدد عليهم في التقييم، ونُقيد خياراتهم بعد النجاح، فهذه سياسة تربك المجتمع وتضعف الثقة بمصداقية النظام التربوي.
الخلاصة
إن التوجيهي في صورته الجديدة، بما يتضمنه من تشدد غير مبرر في الأسئلة، وربط المسارات التعليمية بقيود داخلية وخارجية، وعدم اشتراط الرياضيات في الحقل الصحي، بات يحتاج إلى وقفة وطنية جادة. فالتعليم لا يُقاس بعدد المعيقين، بل بعدد الممكنين.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
29-06-2025 10:57 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |