16-06-2025 01:46 PM
بقلم : عماد صقر النعانعة
من المؤسف والمحبط أن نشهد كيف تشيخ شخصيات سياسية وهي تتنقل بين مواقع السلطة، لتظهر في لحظات الحقيقة بهشاشة معرفية وضعف أخلاقي فاضح. إن فشلهم في مقارعة الحجة بالحجة للدفاع عن الموقف الوطني في خضم الأحداث الجارية، لا يكشف سوى عن فقرهم الفكري وضيق أفقهم، ويسلط الضوء على حقيقة مؤلمة تتمثل في خواء أغلب من يسمون أنفسهم "رجال الدولة
دورة التدوير والفشل
مع كل حفلة "تدوير" للمناصب العامة، تتكرر ظاهرة انتفاخ هذه الشخصيات التي تملأ الفضاء العام ضجيجًا وادعاء. ولكن ما إن تلوح في الأفق أزمة حقيقية، حتى يتبخر هذا الحضور ولا يبقى من أثرهم سوى الفراغ المريع. وحتى محاولاتهم الباهتة للظهور تكون واهنة ومخجلة، فيكشف ضعف منطقهم عن عجزهم، ويفتح الباب واسعا أمام الخصوم لتوجيه سهامهم، ليصبح هذا الانهزام هو العنوان الأبرز للمشهد. إن هروبهم من ساحة الدفاع عن المواقف الوطنية بعد أن تناحروا على المناصب يلقي بظلال من السواد على صلابة قضايانا وعد التها.
منظومة التصعيد المختلة :
هذا المشهد المتكرر يدفع المزاج العام إلى مزيد من الضجر والاستياء، ويوجه الأنظار نحو أصل المشكلة : المعادلات البالية والمختلة في تصعيد هؤلاء إلى سدة المسؤولية. إنها منظومة قائمة على الإفراز الطبقي، والمصالح الشخصية، والشللية والتي عملت بشكل ممنهج على إقصاء جموع الكفاءات الوطنية الحقيقية. والنتيجة كانت إفقار الشأن العام ممن هم أهل له، وتسليم دفته لمن لا يقوى على حمله في أوقات الشدة.
بزوغ فجر الشباب الوطني:
في المقابل، وعلى النقيض تماما، يبرز اليوم على مسرح الأحداث دور الشباب الوطني المتنامي. هؤلاء الشباب الذين خرج كثير منهم إلى شمس الحياة من جيوب الفقر التي نخرتها سياسات من تنافخوا وادعوا، يقدمون نموذجا مختلفًا. إنهم يشتبكون في معركة الذود عن الدولة الأردنية كوجود وروح تسكن جوارحهم، بتاريخها وإرثها. روافدهم هي الذكريات المتجذرة في تراب هذا الوطن، وانتماؤهم نقي لم تخالطه مصالح أو امتیازات. فطرتهم السليمة هي التي تدفعهم إلى أداء هذا الواجب، إيمانًا منهم بأنه لن يذهب سدى
خاتمة بين استمرارية الماضي وسيل المستقبل لكن يظل هناك خطر كامن، إذ يبدو أن طوابير من الأبناء والأحفاد كامتداد طبيعي لمعادلات التصعيد البالية ذاتها، تنتظر أدوارها المستقبلية لتكمل الدائرة البائسة التي ورثتها عن أسلافها.
ورغم هذا التحدي، فإن عنفوان الشباب ووعيهم المتنامي يبشر بسيل جارف قادم. وعي يأخذهم إلى أماكن أخرى وزوايا مغايرة، ليشكلوا واقعا جديدًا يتجاوز الزمن الذي ارتهنت فيه كل الأشياء المنظومة قديمة لم تعد صالحة لهذا العصر.
فالمستقبل، في نهاية المطاف، سيكون لمن يملك الحجة والصلابة والانتماء الحقيقي، لا لمن يتقن فنون المراوغة والهروب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-06-2025 01:46 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |