حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,18 يونيو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8990

د. سلطان الفالح يكتب: الصراع الإيراني - الإسرائيلي وتداعياته الاقتصادية دوليًا

د. سلطان الفالح يكتب: الصراع الإيراني - الإسرائيلي وتداعياته الاقتصادية دوليًا

د. سلطان الفالح يكتب: الصراع الإيراني - الإسرائيلي وتداعياته الاقتصادية دوليًا

16-06-2025 01:25 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : الدكتور سلطان الفالح
عمدت إسرائيل إلى تفتيت حلفاء إيران من الجماعات الفصائلية واضعافها من خلال تنفيذ جملة من الاغتيالات طالت عدد من قادة هذه الفصائل، لا سيما قادة حزب الله في لبنان وقادة حماس في غزة. فهي كانت تسعى من وراء كل هذه العمليات تأمين خطوطها الأمامية وإزالة الخطر الذي يهددها كي يتسنى لها أن تشتبك وبشكل مباشر مع إيران، كمحاولة للحد من طموح الأخيرة وتطلعها إلى إنجاز ملفها النووي.
ولا يخفى على أحد أن الملف النووي الإيراني قد دخل في عدة جولات، حيث كان هدف الولايات المتحدة الأمريكية منها تقييد البرنامج النووي الإيراني، علمًا بأن الاتفاق النووي عام 2015 قد حدد نسبة تخصيب اليورانيوم المسموح بها لإيران بألاّ تتجاوز 3.76% وهي نسبة كافية لتشغيل برنامجها المدني، غير أن إيران قد ضاعفت من معدلات تخصيب اليورانيم لتصل إلى نسبة نقاء 60% بعد انسحاب الرئيس الأمريكي "ترامب" عام 2019. وهذا ما دفع الرئيس الأمريكي "ترامب" عام 2025 بعد توليه رئاسته الثانية، أن يبعث برسالة تحذيرية للمرشد الأعلى للثورة الإيرانية على خامنئي، تضمنت ضرورة التفاوض بشأن ملف إيران النووي تجنبًا لمواجهة المزيد من فرض العقوبات الاقتصادية أو توجيه ضربات عسكرية قد تشمل منشآتها النووية. وهذا ما اعتبره السيد خامنئي بمثابة تهديد مباشر لإيران، وأنه لن يقبل التفاوض بشكل مباشر إلا من خلال وساطة عُمانية كنوع من حفظ ماء الوجه، وعليه قد تم منح إيران مهلة ستون يومًا لمراجعة نفسها قبل انتهاء المدة.
فما لبثت المهلة المنشودة أن انتهت حتى أعلنت إسرائيل عن عملية الأسد الصاعد، حيث بدأت بسلسلة اغتيالات عدد من علماء إيران النوويين، بالإضافة إلى عدد من القادة العسكريين البارزين وعلى رأسهم قائد الحرس الثوري. حيث اعتمدت إسرائيل ومن خلال معلومات استخبارية دقيقة من ضرب مفاعل "نطنز" النووي الذي يعد أحد أهم ركائز البرنامج النووي الإيراني. وعليه ردت الأخيرة عبر صواريخها لتستهدف مواقع عسكرية إسرائيلية.
إن الملف النووي الإيراني أكثر من يؤرق إسرائيل، إذ يشكل معضلة أمنية بالنسبة لها ولدول المنطقة أيضًا. لا سيما وأن إيران بعد زيادة معدل تخصيبها لليورانيوم قد أظهر بما لا يقبل الشك طموحها في البحث عن النفوذ والزعامة الإقليمية والمكانة الدولية، وهذا ما جلب القطيعة الدبلوماسية ما بينها وبين المملكة العربية السعودية، لولا تدخل الصين للمصالحة بين الطرفين من منطلق أن الأخيرة تتطلع إلى خلو منطقة الشرق الأوسط من بؤر التور والصراع، حفاظًا على مصالحها الطاقوية وأمن تجارتها الدولية وملاحتها البحرية التي تعبر مضيقي هرمز وباب المندب.
ولا جدال في القول أن العمليات العسكرية والصراع المحتدم بين إيران وإسرائيل أدى إلى زيادة في ارتفاع معدلات أسعار النفط. وتجدر الإشارة إلى أن مجموع إنتاج مجموعة أوبك من النفط بلغ نحو 27 مليون برميل يوميا، حيث تبلغ حصة إيران من هذا الإنتاج نحو ثلاثة ملايين برميل يوميًا. وتستحوذ الصين على ما يقارب 1.5 إلى 1.7 مليون برميل بالإضافة إلى الهند التي تتحصل على نحو 400 ألف برميل يوميًا من هذا الإنتاج تحت ما يسمى "بناقلات الظل" في ظل العقوبات الاقتصادية المفروضة عليها بالإضافة إلى روسيا.
كما وأن هذه العمليات العسكرية الصاروخية بين الطرفين سببت إشكالية كبيرة للأطراف الموقعة على عقود الطاقة الآجلة في ظل ارتفاع أسعار النفط، ناهيك عن أن خروج إيران من من معادلة التصدير نتيجة انشغالها بالحرب سيؤدي إلى نقص حاد في الإمدادت الطاقوية، وهذا ما قد يؤدي إلى إحداث فجوة كبيرة سيما وأن قدرات دول الخليج لا تكفي لسد هذه الفجوة دون التأثير على توازنات السوق، مما سيزيد من ارتفاع مستويات التضخم عالميًا.
ولا يمكننا إنكار أن هذا الارتفاع سيحقق الكثير من الأرباح لدول الخليج نتيجة زيادة الطلب، في حال ضمان استمرار حركة الملاحة التجارية البحرية، إذ يعبر مضيق هرمز قرابة 20 مليون برميل من النفط ومشتقاته يوميًا. غير أنه في ظل توجيه إسرائيل ضربات قاسية لمفاعل نطنز النووي ومستودع شهران النفطي بالإضافة إلى حقل فارس النفطي في بوشهر، وعدم وجود الكثير من الخيارات الاستراتجية أمام إيران، فإنه ليس أمامها سوى عدة خيارات خصوصًا وأن طهران قد هددت باستهداف مضيق هرمز واستهداف مصفاة حيفا وأشدود النفطيتان، فضلًا عن منصات الغاز البحرية مثل ليفيثان وكريش "الإسرائيلية".
وهذا ما يدفعنا للقول إنه في حال استمرار هذه الحرب ومُضي إيران حقًا في استهداف مضيق هرمز وتفعيل دور الحوثيين في تعطيل حركة الملاحة التجارية قبالة مضيق باب المندب؛ سيؤدي ذلك إلى إحداث انعكاسات جيواقتصادية نتيجة تعطل سلاسل التوريد والإمدادات الطاقوية نظرًا لتعطيل شرياني التجارة الدولية المتثملة في مضيقي هرمز وباب المندب. إذ ستكون دول الخليج من أكثر المتضررين في هذه الحالة من الناحية، ناهيك عن أن كثير من الدول مثل مصر ستتعثر حركة الملاحة لديها في قناة السويس، والأردن مثلًا التي ستشهد ارتفاعات ملموسة في أسعار النفط والبضائع والسلع نتيجة ارتفاع تكاليف الشحن وبواليص التأمين، وليس أدل على ذلك من أن مؤسسة الأمن البحري البريطانية "أمبري" أوصت شركات الشحن باتخاذ مسارات أخرى كمسار رأس الرجاء الصالح، بخلاف مضيقي هرمز وباب المندب في ظل تصاعد الضربات العسكرية االصاروخية لتي تشهدها المنطقة، والتي قد ينتج عنها تهديدات أمنية كتهديد أمن الطاقة وسلاسل التوريد والأمن الغذائي.
فالجهود الدبلوماسية المبذولة من قبل أكثر الدول توجسًا من هذا الخطر المحدق ترى بأن هذ الصراع سيشكل تهديدات أمنية وانعكاسات جيوسياسية وجيواقتصادية، وعلى رأس هذه الدول المملكة الأردنية الهاشمية، إذ يبذل الملك عبد الثاني بن الحسين جهود مكثفة في سبيل إنهاء هذا الصراع الذي قد يتفاقم إن لم يكٌ هناك وساطة دولية مكثفة لإنهائه، سيما وأن جميع اللاعبين على الصعيد الإقليمي والدولي سيتأثر منه.

الدكتور: سلطان الفالح
باحث في العلاقات الدولية











طباعة
  • المشاهدات: 8990
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
16-06-2025 01:25 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم