16-06-2025 01:20 PM
بقلم : د. خالد السليمي
دراسة تحليلية استراتيجية معمّقة حتى 16 حزيران 2025
من الشرارة إلى الانفجار: خلفية اشتعال الحرب التي أربكت الجميع
اندلعت الحرب الإيرانية–الإسرائيلية مساء 10 حزيران بعد تنفيذ إسرائيل لعملية اغتيال نوعية داخل الأراضي الإيرانية استهدفت شخصية عسكرية رفيعة المستوى في منشأة نووية قرب أراك، رد طهران جاء صاعقاً، بإطلاق أكثر من 1,200 صاروخ ومسيّرة هجومية خلال 72 ساعة، موجهة نحو العمق الإسرائيلي من الشمال إلى الجنوب، ومصحوبة بهجمات إلكترونية دقيقة عطّلت مراكز القيادة، هذا التصعيد لم يكن مجرد رد فعل، بل تنفيذ لخطة إيرانية معدّة مسبقاً تشمل دعماً مباشراً من حلفاء ميدانيين في لبنان، سوريا، العراق واليمن، حتى اللحظة، لم تستطع إسرائيل استيعاب حجم المفاجأة، ولا السيطرة على جبهاتها الداخلية والخارجية، في ظل هشاشة بنية ردعها الحقيقي رغم صرامة خطابها.
الشمال المحترق: الجليل الأعلى يسقط جزئياً ومدينة حيفا خارج الخدمة جزئياً
حيفا، المركز الصناعي الإسرائيلي، تعرضت لهجوم دقيق غير مسبوق باستخدام طائرات انتحارية إيرانية من نوع "شاهد-239"، ما أدى إلى تدمير مصفاة النفط بنسبة 70%، وانفجار خزانات الأمونيا جنوب الميناء الصناعي، وهو ما حاول الإعلام الإسرائيلي التعتيم عليه خوفاً من الذعر العام، الجليل الأعلى، ومدينة كريات شمونة، أصبحت منطقة عسكرية مغلقة بعد تهجير سكانها نتيجة القصف المستمر من الجنوب اللبناني بصواريخ دقيقة قصيرة المدى من نوع "فاتح 110"، أكثر من 58,000 مستوطن تم إجلاؤهم في أقل من 48 ساعة، والجيش الإسرائيلي خسر 14 جندياً في اشتباكات قرب المطلة ومرجليوت، وهي خسائر لم تعلنها تل أبيب رسمياً حتى الآن.
تدمير المركز: تل أبيب تحت الحصار النفسي والاقتصادي لأول مرة منذ 1948
تعرضت تل أبيب لأكثر من 94 صاروخاً دقيقاً خلال الأيام الخمسة، أصابت بعضها أبراجاً سكنية في "رمات جان" و"نيفيه تسيديك"، ما أوقع أكثر من 120 إصابة بين قتيل وجريح وفق تقارير المستشفيات رغم الحظر الإعلامي المفروض، تعطّلت بورصة تل أبيب لمدة ثلاثة أيام متتالية، وانهار المؤشر العام بنسبة 12,5%، وهو ما وصفه مراقبون بأنه "انهيار اقتصادي موجه بالسلاح"، مطار بن غوريون تعرض لهجوم إلكتروني بالتزامن مع قصف مركز التحكم الجوي، ما أدى إلى شلل شبه كامل لحركة الملاحة، وإجلاء عاجل لمسؤولين دبلوماسيين أمريكيين من تل أبيب إلى قبرص، هذه الهجمات مجتمعة كشفت هشاشة العمق الإسرائيلي أمام قدرات هجومية متطورة تتجاوز المدى التقليدي.
غلاف غزة والجنوب: بئر السبع وعسقلان تسقط في فوضى أمنية غير مسبوقة
أكثر من 60% من المباني في عسقلان، و 40% في بئر السبع تعرضت لأضرار مباشرة وفق تقرير سري لبلدية عسقلان نشره موظف مُسرّب لموقع "واي نت"، منظومات القبة الحديدية جنوباً استُنزفت بنسبة 90% خلال 72 ساعة، وأعلنت شركة "رافائيل" المصنعة أنها باتت بحاجة إلى دعم فوري من الولايات المتحدة لتأمين الذخائر الاعتراضية، المقاومة في غزة، بالتنسيق مع الجبهة الإيرانية، أطلقت ما يفوق 1,600 صاروخ من نوع "براق-85" باتجاه مستوطنات الغلاف، محدثة دماراً هائلاً، شمل منشآت حيوية كمنشأة تحلية مياه "أشدود" ومحطة الطاقة في سديروت، العمليات الميدانية للقوات الإسرائيلية في غزة توقفت مؤقتاً بعد فقدان الاتصال مع كتيبة كاملة شرق رفح.
انفجار الداخل: الهجمات الإلكترونية تشل البنية الإسرائيلية الرقمية والمالية
نفذت إيران، بالتعاون مع وحدات سيبرانية من "حزب الله سايبر"، هجوماً نوعياً على خوادم وزارة المالية الإسرائيلية، أدى إلى اختراق شبكة التأمينات الوطنية وتسريب بيانات حساسة تخص أكثر من 3,2 مليون مواطن، وفق مصادر إعلامية ألمانية، كما شُلّت منظومة إدارة الطوارئ الرقمية في تل أبيب والقدس الغربية لأكثر من 18 ساعة، هذه الهجمات ساهمت في فوضى داخلية شاملة، ما اضطر الأجهزة الأمنية لاستخدام أنظمة بدائية للتواصل الداخلي، مما كشف ثغرات خطيرة في القدرة التكنولوجية الإسرائيلية على تحمّل صدمة حرب متعددة الأبعاد، وقد وصفت صحيفة "هآرتس" هذه الضربة بـ"الزلزال غير المرئي" الذي سيتطلب سنوات لإصلاحه، وسط تكتم رسمي حاد.
إصابات بشرية لم تعلن رسمياً: الواقع أكثر قتامة من التقارير العلنية
رغم محاولات الرقابة العسكرية الإسرائيلية إخفاء الأرقام، تشير تقديرات استخباراتية أوروبية إلى مقتل أكثر من 470 جندياً ومدنياً خلال الأيام الخمسة الأولى، بينهم ما لا يقل عن 60 ضابطاً برتبة ميدانية فما فوق، مستشفيات "شيبا" و"ايخيلوف" و"سوروكا" تعمل فوق طاقتها الاستيعابية، وسط نقص في وحدات الدم والأدوية بعد قصف بعض مخازن الإمداد المركزي، تقارير صادرة عن "مجلس الطوارئ الوطني" تم تسريبها لصحيفة "دير شبيغل" تُشير إلى توقعات بارتفاع عدد المصابين إلى 6,000 خلال الأسبوع الثاني من الحرب، إسرائيل تُدار الآن في ظل قانون طوارئ شامل، ما يضعف الأداء السياسي والمدني، ويؤسس لأزمة داخلية قد تتفاقم مع كل طلعة جوية جديدة.
الفشل الاستخباري: لماذا لم تتنبأ إسرائيل بالضربة الأولى؟
تؤكد مصادر أمنية أن الموساد فشل في رصد حجم التعبئة الإيرانية قبل الضربة الأولى، التقارير تشير إلى أن وحدة التجسس "8200" كانت تراقب تحركات خاطئة حول قزوين بينما كان الهجوم يُحضّر في مناطق بديلة، كذلك، تعاني إسرائيل من "تشبع إنذاري" بسبب الحرب النفسية متعددة المسارات، ما جعلها تقلل من خطورة التنسيق بين طهران وبيروت وبغداد وصنعاء، هذا الإخفاق يكشف ضعفاً خطيراً في منظومة القراءة الاستراتيجية الإسرائيلية، ويعيد إلى الأذهان إخفاقات مشابهة في حرب أكتوبر 1973، حيث تفوقت قوة المفاجأة على المعلومات المتاحة، حتى اللحظة، لا تملك تل أبيب إجابة دقيقة عن سبب فشل التقدير الأولي، ما ينذر بمسائلات عسكرية بعد انتهاء العمليات.
السيناريوهات الاستراتيجية المتوقعة لما بعد هذه المرحلة الحرجة من الصراع
السيناريو الأول: التوسع الإقليمي المنضبط: حرب طويلة دون انفجار شامل
في هذا السيناريو، تتجه الأطراف نحو تثبيت قواعد اشتباك جديدة، تتسم بارتفاع سقف العنف ولكن دون تجاوز "الخطوط الحمراء النووية" أو انخراط شامل لقوى عالمية مباشرة، فالمعارك تستمر على شكل موجات تصعيدية حيث تخضع لحسابات التوقيت السياسي والميداني مع انخراط أكبر لوكلاء إيران في لبنان والعراق واليمن، مقابل تصعيد جوي إسرائيلي محدود ومركّز، فالهدف من هذا السيناريو هو استنزاف الخصم دون الوصول إلى نقطة كسر، الخطر الكامن هنا هو انفلات السيطرة على الوكلاء، أو تنفيذ أحد الأطراف لعملية نوعية لا يمكن احتواؤها سياسياً، مما يحوّل "الضبط" إلى "انفجار"، يعتمد بقاء هذا السيناريو على توازن حذر جداً بين الإرادة السياسية والقدرة على تحمل الكلفة البشرية والاقتصادية لدى الطرفين.
السيناريو الثاني: انهيار داخلي إسرائيلي وانقلاب في موازين الردع
يرتكز هذا السيناريو على عامل داخلي أكثر منه خارجي، حيث تستمر الضربات الموجعة التي تستهدف بنى إسرائيل التحتية والنفسية والاقتصادية، فتؤدي إلى فقدان ثقة المجتمع الإسرائيلي بالمؤسسة الأمنية والسياسية، وتزايد الاحتجاجات والانقسامات الداخلية، وفي هذه الحالة، تُرغم إسرائيل على القبول بوساطات دولية تُقيد حركتها العسكرية وتدفعها إلى اتفاقية وقف إطلاق نار مجحفة، ما يعني انتصاراً سياسياً لمحور المقاومة من دون حسم عسكري، هذا السيناريو يعكس لحظة انهيار الردع الإسرائيلي، التي تؤسس لتحولات طويلة الأمد في قواعد اللعبة الإقليمية. مكمن الخطورة فيه أنه يُضعف مصداقية الولايات المتحدة كضامن لأمن إسرائيل، ويفتح الباب أمام تصعيد مستقبلي لا يمكن التنبؤ بحدوده.
السيناريو الثالث: الانزلاق إلى مواجهة غير تقليدية: خيار الرعب المُقنّن
هذا هو السيناريو الأخطر والأقل احتمالاً ولكنه حاضر في حسابات غرف العمليات وهو أن تقدم إسرائيل على استخدام أسلحة غير تقليدية (نووية تكتيكية، أو قصف لمواقع نووية داخل إيران)، كرد فعل على ضربة استراتيجية مدمرة أو تهديد وجودي، في المقابل، قد تلجأ إيران إلى استخدام وكلاء يمتلكون قدرات كيماوية محدودة أو تقنيات إشعاعية "قذرة" لضرب الداخل الإسرائيلي، هذا السيناريو المرعب سيكون كسراً لكل المعادلات التاريخية، ويفتح المجال أمام تدخل دولي مباشر، وربما دخول أطراف كبرى كالصين وروسيا في الاصطفاف الميداني، العامل الحاسم هنا هو "أمن المنشآت النووية" في ديمونا وأراك ونطنز، والتي إن تم استهدافها (عمداً أو خطأً) فإن الحرب ستدخل منطقة اللاعودة، هذا السيناريو مرعب للجميع، ولكن من الخطأ استبعاده نهائياً في ظل هذه البيئة المضطربة.
الخلاصة: إسرائيل في مأزق وجودي… وخيارات الرد محدودة ومكلفة
في ضوء مجريات الميدان المتسارعة، والتكاليف المتعاظمة التي تكبدتها إسرائيل على مختلف الجبهات، باتت الدولة العبرية تواجه واحدة من أخطر الأزمات الوجودية في تاريخها الحديث، فالهجمات الصاروخية النوعية، واختراقات الطائرات المسيّرة، وضرب مراكز القيادة والسيطرة، إلى جانب الضغوط الداخلية والانقسامات السياسية والاجتماعية، كلها تضع تل أبيب أمام لحظة مفصلية تتجاوز الحسابات العسكرية إلى الأسئلة المصيرية، فخيارات الرد المتاحة أمامها اليوم محدودة، إذ أن أي تصعيد إضافي قد يفتح جبهات جديدة ويستدرج لاعبين دوليين نحو تدخل غير محسوب، بينما التراجع سيُفسّر على أنه هزيمة استراتيجية وانكسار في الردع، التهديد لم يعُد على الأطراف، بل في العمق، والمعادلة تغيّرت: لم تعد إسرائيل تُواجه مجموعات مقاومة بل منظومات إقليمية متكاملة تتقن التكتيك وتوظف الاستراتيجية وتتحرك بانضباط مؤسسي مدعوم دولياً، الوقت ليس في صالحها، والكلفة الاقتصادية والأمنية والمعنوية تتضاعف، بينما غياب الحسم يغذّي شعوراً عالمياً بأن التفوق الإسرائيلي لم يعد مطلقاً، إن لم تخرج تل أبيب من منطق الاستعلاء الأمني، وتقرأ متغيرات البيئة الدولية الجديدة بعيون استراتيجية لا عقائدية، فإنها قد تجد نفسها قريباً أمام انهيار تدريجي للعمود الفقري لعقيدة الأمن الإسرائيلي التي تأسست منذ 1948، وما لم يتم تبني مراجعة جذرية وشاملة للخيارات السياسية والعسكرية، فقد يكون المشهد القادم أعقد وأشد ألماً... بل وأبعد ما يكون عن النصر.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
16-06-2025 01:20 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |