15-06-2025 08:24 PM
بقلم : العقيد المتقاعد فهد موفق النعيمي
في ظل تسارع وتيرة الأحداث الإقليمية، لا سيما التصعيد الحاصل بين الاحتلال الإسرائيلي والجمهورية الإيرانية، أصبحت الساحة الإعلامية، خاصة مواقع التواصل الاجتماعي، تعج بالإشاعات والتكهنات التي تُتداول دون مصادر موثوقة. وتنتشر هذه الأخبار بشكل واسع بين المواطنين، ما يثير القلق ويؤثر سلبًا على مختلف مناحي الحياة في المملكة الأردنية الهاشمية.
إن مثل هذه الإشاعات، خاصة تلك التي تتعلق باستخدام أسلحة محرّمة أو احتمالية توسع رقعة الحرب، لا تقف عند حدود القلق العام، بل تتجاوز ذلك لتُحدث تأثيرًا ملموسًا على المواطن الأردني، نفسيًا ومعنويًا وحتى سلوكيًا. حيث بات بعض يتحدث عن الهجرة، وظهرت مخاوف حقيقية على مصير الوطن، خاصة في غياب توضيحات رسمية شافية من الجهات الحكومية المختصة.
الأردنيون اليوم بحاجة ماسة إلى خطاب واضح ومباشر من الحكومة يشرح السيناريوهات المحتملة في حال تطورت الحرب أو طال تأثيرها الإقليمي الأردن بطريقة مباشرة أو غير مباشرة. كما يجب توضيح مدى استعدادنا – كمواطنين ومؤسسات – للتعامل مع هذه السيناريوهات ضمن الخطط الوطنية المكتوبة والطارئة، لضمان طمأنة الشعب وتعزيز الثقة بالدولة ومؤسساتها.
ما يزيد الأمر خطورة، هو التأثير المتزايد على الفئات الأضعف في المجتمع، وخصوصًا طلبة الثانوية العامة الذين بدأوا يُظهرون علامات قلق وتشتت ذهني يؤثر على تحصيلهم الدراسي في هذه المرحلة الحرجة من حياتهم. فقد أصبحوا يتأثرون بما يُتداول من أخبار غير موثقة، ما يضع أعباءً إضافية على أسرهم ومعلميهم. كما أن الأطفال الصغار باتوا يتساءلون عن “الصواريخ” و”مصيرهم”، بعد أن أصبحوا يسمعون مصطلحات الحرب والموت والنزوح من هنا وهناك.
هذا الواقع يتطلب مسؤولية إعلامية ومجتمعية مضاعفة، وأولها تقع على عاتق الحكومة الأردنية من خلال تفعيل دور الإعلام الرسمي والناطقين الإعلاميين وتحديث البيانات بشكل دوري. كما ينبغي تكثيف حملات التوعية لتمكين المواطنين من التمييز بين الأخبار الموثوقة والشائعات المغرضة التي قد تخدم أجندات خارجية تسعى لزعزعة استقرارنا الداخلي.
إن الإشاعة في زمن القلق تقتل أكثر مما تفعله الحروب، وتُحدث شرخًا نفسيًا واجتماعيًا عميقًا لا يُشفى بسهولة، وإن استمرار تداول الأخبار غير الرسمية قد يؤدي فعلًا إلى الهجرة أو العزلة النفسية، فضلًا عن الانقسام المجتمعي. لذلك، فإن الحاجة لتواصل حكومي فعال وشامل أصبح ضرورة وطنية.
نسأل الله أن يحفظ الأردن، أرضًا وشعبًا وقيادة، وأن يجنبه ويلات الحروب والنزاعات، وأن يبقى واحة أمن واستقرار في محيط مضطرب.
حفظ الله الوطن وقائد الوطن، والشعب الأردني العظيم
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
15-06-2025 08:24 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |