بقلم : المهندس معتز العطين

في خطاب لافت خلال المؤتمر الثالث للأمم المتحدة للمحيطات في مدينة نيس الفرنسية، قدّم جلالة الملك عبدﷲ الثاني رؤية متقدمة لربط التكنولوجيا بحماية البيئة البحرية، مشيرًا إلى أن مستقبل الشعاب المرجانية لا يمكن إنقاذه إلا من خلال الابتكار والحلول المستدامة . وفي صميم هذه الرؤية، برزت تقنية الطباعة ثلاثية الأبعاد كحل واعد ومفتاح لتحويل التحديات البيئية إلى فرص علمية وتنموية، تعزز مكانة الأردن كمركز إقليمي في مجال الاستدامة البحرية.

خليج العقبة، بما يتمتع به من خصائص بيئية نادرة ومرونة عالية تجاه تغير درجات الحرارة، لم يعد مجرد موقع جغرافي فريد، بل أصبح مختبرًا طبيعيًا حيًا يمكن للعالم أن يتعلّم منه. هذه الميزة منحته مكانة استراتيجية في جهود إنقاذ الشعاب المرجانية ، وهو ما تسعى المملكة إلى ترسيخه من خلال مشاريع رائدة تجمع بين البحث والتطوير والتطبيق الميداني.

في هذا الإطار، تلعب الطباعة ثلاثية الأبعاد دورًا محوريًا من خلال استخدام تكنولوجيا Material Extrusion
أو Binder Jetting، لإنتاج هياكل مرجانية تحاكي الطبيعة بدقة. تُستخدم مواد بيئية قابلة للتحلل مثل الطين البحري، أو السيراميك البيولوجي، لتشكيل هذه الهياكل بطريقة تسهّل استيطان الكائنات الدقيقة ونمو المرجان عليها. وتُصمم هذه النماذج الرقمية بأشكال هندسية مستوحاة من الطبيعة، لتتناسب مع التيارات البحرية وظروف الضوء والحرارة، مما يجعلها فعالة في تعزيز التنوع البيولوجي واستعادة الحياة في المناطق المتضررة.

إطلاق الأردن لـ”مبادرات العقبة للاقتصاد الأزرق” و”المركز العالمي لدعم المحيطات” يعكس دوره كموظف لتكنولوجيات المستقبل وصانع حلول مستدامة. هذه المبادرات تشكل نقطة التقاء بين التكنولوجيا والبيئة والتعليم والمجتمع، وتؤسس لاقتصاد قائم على المعرفة والابتكار.

بهذا التوجه، يثبت الأردن أنه قادر على قيادة مسار جديد في حماية الشعاب المرجانية، مستفيدًا من ميزاته الطبيعية، وشراكاته الدولية، ورؤية تستثمر في الإنسان والعلم معًا. إنها ليست فقط مبادرة بيئية، بل بداية لتحوّل علمي وتكنولوجي يجعل من العقبة مركزًا عالميًا للبحث والتطوير في مجال الشعاب المرجانية والطباعة الحيوية ثلاثية الأبعاد.