حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الخميس ,29 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 8449

المحامي أكرم الزعبي يكتب: إنّه الأردن

المحامي أكرم الزعبي يكتب: إنّه الأردن

المحامي أكرم الزعبي يكتب: إنّه الأردن

26-05-2025 01:25 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : المحامي أكرم الزعبي الرئيس السابق لرابطة الكتّاب الأردنيين
ليس مجرد تراب، ولا حكاية تاريخٍ عابرة، ولا هو مجتزءٌ من سياقاتٍ ظالمة كلّما حاولت المساس ببياضه ارتدّ سوادها إليها، ليظلّ هو أبيضَ من غير سوء، هو روايةٌ طويلة حفرها أجدادنا على صخور وجبال البتراء لتظلّ شاهدةً وشهيدةً على أنّ من سكنوا المكان لا يقفُ حتى الصخر الأصلبُ من الحديدِ أمام همّتهم التي بلا سقوف.

ليس مجرّد ترابٍ بلا ذاكرة، وإنّما تشهدُ كلُّ ذرةٍ منه على أنّ العرب الغساسنة سكنوا هنا، وأنّ الرومان عرفوا قيمته فبنوا فيه ستة من مدن الديكابولس العشرة، من جدارا وشاعرها العربي ارابيوس الذي حفر التاريخ بعبارته (أيّها المارّ من هنا ....) إلى بيلّا وديون ثمّ جراسا الحاضرة بمدرجّاتها وأقواس نصرها وأعمدتها التي تغازل السماء، وصولًا إلى فيلادلفيا بمدرجها الروماني الحاضر في قلب عمّان.

ليس مجرد ترابٍ بلا هويّة، واسألوا خيل مؤتة واليرموك، وأضرحة صحابة النبّي الهاشميّ الكريم، ومقامات الأولياء والصالحين، واسألوا نهر الأردنّ عن عيسى المسيح عليه السلام الذي بارك ماءه بجسده الطهور، وعن الفتية الذين آووا إلى كهفهم ولبثوا فيه في الرقيم ثلاثمائةٍ سنين وازدادوا تسعا، واسألوا الكرك وعجلون عن قلعتيهما، والعقبة عن أول كنيسةٍ في العالم، ومادبا عن جبل نيبو، واسألوا قصور الأمويين في صحرائها، وإربد والبلقاء عن سراياها، والمفرق عن مقابر شهدائها.

ليس مجرد ترابٍ بلا رجال، وإن شئتم فاسألوا باب الواد واللطرون والسمّوع، واسألوا حيّ الشيخ جرّاح عن دماء أبنائه التي قدّموها حبًّا وكرامةً لفلسطين، واسألوا عن الشريف الهاشمي الحسين بن علي الذي أوصى أن يُدفن في القدس لعشقه لها، وعن دماء الملك المؤسس التي سالت على درجات المسجد الأقصى بعد أن انتهى من صلاته فيه، وعن دماء فندي وكايد المفلح عبيدات وزطّام القرعان ومحمد العزام في ال 20 وعن عطا الخضير وعناد الحجايا وسليمان الزعبي وسلمان الدعجة ومحمود الروسان ودواس السرحان وعلي الطورة وسند الحويطات وحمود الحباشنة وموسى العدوان وعايد الشرعة وياسين الذيابات في الـ 48 واسألوا عن شهداء الـ 67 و68 وعن خضر شكري يعقوب الذي حدد الهدف بموقعه وارتقى وهو ينطق الشهادتين.

ليس مجرّد ترابٍ بلا معنى، وإلّا فلماذا قدّم سائد المعايطة وراشد الزيود ومعاذ الكساسبة ومعاذ الحويطات وعبدالرزاق الدلابيح ومئات ضباط وأفراد الجيش العربي وسلاح الجو ومكافحة المخدرات والأمن العام والدرك والدفاع المدني أرواحهم رخيصةً من اجله، فظلّت ترفرف في سمائه حارسةً له، وداعيةً بحفظ الرحمن.

ليس مجرد ترابٍ بلا رواية، فلكل حبّةٍ ترابٍ منه روايةً يرويها عن فلّاحٍ زرع، ومقاولٍ بنى، وجنديٍ حرس وحمى، وعن دموعٍ اختلطت بعرق وامتزجت بدم، لكل حبة ترابٍ ذاكرةٌ وتاريخٌ وهويةٌ، لكل حبة ترابٍ كتابٌ يكتبه وقارئٍ إن أراد أن يقرأ، يقرأه.

ليس مجرد جغرافيا منفصلة عن تاريخها، ولا تاريخًا يتنكّرُ لجغرافيّته، إنّه الأردنّ، الأردن العظيم، الأردن الكبير بأخلاقه وشعبه وقيادته، الأردن الذي ما تخلّى يومًا عن رسالته يوم تخلّى عنها من تخلّى، ويوم أن باع من باع، وجحد من جحد.

المحامي أكرم الزعبي
رئيس رابطة الكتّاب الأردنيين السابق











طباعة
  • المشاهدات: 8449
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
26-05-2025 01:25 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم