22-05-2025 04:13 PM
بقلم : محمد بسام القرالة
من موقعي كرئيس سابق لاتحاد الطلبة وعضو في مجلس طلبة محافظة الكرك، أكتب هذه الكلمات بضمير شابٍ عاش التجربة، وخَبِر ممرات العمل الطلابي، وأدرك مبكرًا أن السياسة لا تبدأ من البرلمان، بل من مقاعد الدراسة والوعي الأول. فما يحدث في ساحة الطلاب هو مرآة لما يجب أن يكون عليه المستقبل السياسي للبلاد.
في زمنٍ يتغيّر فيه الإقليم بسرعة، ويعيد العالم تشكيل أولوياته، يظل المشهد السياسي الأردني بحاجة ماسّة إلى تجديد الدماء، وضخّ نبض جديد يعيد إليه الحيوية والمصداقية. وهنا، يتقدّم الشباب الأردني ليأخذ مكانه الطبيعي، لا كمشاهد، بل كمُنتج وفاعل في صياغة الحاضر ورسم المستقبل.
لقد تعب الأردنيون من الوجوه ذاتها، والشعارات ذاتها، والدوران في نفس الحلقة السياسية المغلقة. لكنّ الأمل لم يمت، بل انتقل إلى جيوب الوعي الشبابي، الذي بدأ يتشكّل خارج الصالونات السياسية المغلقة. شباب الجامعات، رواد الإعلام الرقمي، الناشطون في الشارع وعلى المنصات – كل هؤلاء لا يريدون فقط التغيير، بل يعرفون كيف يُنتج التغيير.
الشباب اليوم لم يعودوا يكتفون بدور المصفّق أو المراقب. أصبحوا يكتبون، ينظّمون، يضغطون، يتعلمون أدوات الخطاب السياسي، ويملكون القدرة على النقد والتأثير. من الحراكات الشعبية إلى المبادرات الشبابية، ومن المجالس الطلابية إلى الحملات الإلكترونية، كلها شواهد على أن جيلًا جديدًا يصعد – جيل لا يخاف من قول الحقيقة، ولا يخجل من مواجهة السلطة بالمنطق والجرأة.
وأنا كأحد الذين خاضوا تجربة رئاسة المجالس الطلابية المدرسية، وعضوية مجلس الطلبة على مستوى محافظة الكرك، لمست بنفسي كيف تكون البدايات الصغيرة هي التمهيد الحقيقي للفعل السياسي الواعي. فالممارسة المبكرة تُعطيك فهمًا أعمق للناس، وتُدرّبك على القيادة، وتغرس فيك الشعور بالمسؤولية، وهي أساسٌ يجب أن يُبنى عليه مشروع وطني شبابي حقيقي.
اللافت اليوم أن الأحزاب السياسية بدأت تلتفت بجدية لهذا الجيل. لم تعد تنظر إليه كمجرد “ديكور شبابي”، بل باتت تفتح له الأبواب، وتراهن عليه في التغيير والبناء. هناك وعي متزايد بأن أي مشروع إصلاحي حقيقي لا يمكن أن ينجح دون شراكة الشباب، وأن تجديد الحياة الحزبية يبدأ من ضخّ دماء جديدة فيها.
إنّ إعادة إنتاج المشهد السياسي الأردني لا تعني مجرد مشاركة رمزية، بل تعني فرض التمثيل، وصناعة البديل، والعمل من داخل المؤسسات، لا خارجها. فمرحلة “الصراخ من بعيد” انتهت، والآن وقت الحضور والمبادرة والمسؤولية.
في المحصلة: الشباب ليسوا أمل المستقبل فقط، بل هم ضرورة الحاضر. ومن لا يراهن على وعيهم، سيخسر معركته مع الزمن.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
22-05-2025 04:13 PM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |