19-05-2025 09:32 AM
بقلم : آية محمود رزق
البحث عن الحقيقة في زمن الظلم والقسوة جاء اليوم الذي أجد فيه نفسي غير راغبه في التحدث إلى أحد، إذ باتت البشرية أشبه بذئاب تقاسي قسوة الحياة. أصبحت الكلمات ثقلًا على لساني، وتحول القلم إلى الوسيلة الوحيدة للتعبير عن مشاعري وآلامي. أبحث عن حقوق سلبت مني، وأسأل: أين هي؟ ولماذا صار الناس ظالمين وقاسيين؟ لقد أصبحت أشعر بأن الحجارة أكثر رحمة من بعض البشر. اليوم، لا عتاب لي مع الآخرين، بل العتاب موجه إلى نفسي؛ فقد قبِلتُ أشياءً كثيرة لا تستحق، وجعلت من نفسي شيئًا يتجاوز آلامًا لا أعرف كيف أتناساها. لقد مررت بتجارب صعبة كانت تهدف إلى تقويتي، ولكنني أدركت الآن أنها لم تجعلني أقوى فحسب، بل أثقلت كاهلي.
تستمر الحياة، بينما أترقب أشخاصًا لا يشعرون بوجودي، وأنتظر أحلامًا بنيتها أشخاصًا رحلوا عن هذه الدنيا. أفتقد كل نفس تنفصل عن جسدي ولا تعود إلي مرة أخرى، لحلم تحطم بفعل إنسان. لم ندرك أن السنوات تمضي بنا ونحن في مسيرتنا الحياتية، نتعثر ثم ننهض، نصارع الآخرين من أجل حقوقنا، بينما نفارق أطفالاً وشبابًا وكبارًا لا يعتبرون عبرتنا. نكتب آلامنا بدماء أيدينا وقلوبنا التي تنزف، ومع ذلك لا يدرك البشر معاناتنا. نُحاسَب على كأسٍ فُرض علينا ولم نتذوقه يومًا، ونتظاهر يوميًا بابتسامة على وجوهنا حتى لا يعرف الآخرون عنا شيئًا. نقف دائمًا إلى جانب كل من يحتاج إلينا
لكل مرة كنت أحتاج فيها إلى أشخاص يسكنون في أعماق روحي، كانوا غائبين في أوقات الشدة. كنت أتمنى وجودك معي، ليس لأطلب منك شيئاً، بل لأطمئن عليك. أشعر بقيمتي في قلوب الناس، ولكن ماذا عن قلب كنت أعتبره كل شيء، في حين أنت تعتبرني لا شيء؟ أواجه تحديات وصراعات من أجل حبك، أواجه مشاعري وأقاومها. أحتاج إلى مساعدتك، أن تأخذ بيدي، أن تشعر بما أكتب بمداد قلبي. لماذا أشعر كأن العالم يضيق من حولي؟ لكني أعلم أن الله معي، هو الأقرب إليّ من الناس. أدعوه في كل صلاة، وأشعر بالاستياء من العالم ومن الناس، أشتكي إلى ربي كما يبكي الطفل الذي سُرق منه شيء عزيز.
تتوالى الأيام من حولك والأحباء يحيطون بك، لكنك لا تدرك معاني هذه الروابط إلا في لحظات ضعفك. لماذا يعجز الناس عن تقدير العدالة الإلهية التي حرمت الظلم على ذاتها وفرضته تحريمًا بين العباد؟ لماذا نلعب بمشاعر الآخرين ونسعى لإلحاق الأذى ببعضنا البعض؟ هل تعرف متى سيكون موعد رحيلك؟ نأتي إلى هذه الدنيا والناس من حولنا تضحك، ثم نغادر وهي تدمع. في النهاية، لا يُسجل لنا إلا أعمالنا. لماذا تختار أن تكون سببًا في ألم شخص آخر أو تعكير صفو حياته، وهو لا يجد من يشتكي إلا إلى الله؟ ماذا تريد حقًا، وإلى متى ستبقى غافلاً؟ أسئلة تتطلب التأمل: هل أنت راضٍ عن نفسك؟ لماذا هذا التلون في المعاملة، وأنت لا تدرك قيمتك الحقيقية؟
أتعامل مع الناس بكل حب واحترام. أشعر بأنني أبحث عن شخص يشبهني في صدق حبه، مثل الملائكة. أتعامل مع أعدائي برحمة، مثلما كان النبي الكريم رحيمًا. ربما تكون رحمتي مع الآخرين سببًا لدخولي الجنة، وربما يشفع لي الرسول بسبب طيبة قلبي. عندما يغضب الله على الناس، يجعلهم قاسين حتى يضروا بأنفسهم. أحيانًا أتعجب من كوني ما زلت كما أنا، فقد شكلتني المواقف والتجارب لأصبح شخصًا قويًا ورحيمًا في نفس الوقت. ضميري لا يزال حيًا، وأنا أحاسب نفسي على أقل الأمور، لعلها تكون خيرًا لي. أشعر بكل شيء جميل من حولي بفضل الله
"الحياةُ مواقف وتجارب
فيها شهد النحل وسموم العقارب
وفيها شهامة غريبٍ و خذلان أقارب
هُناك مواقف أيقظتنا وصنعتنا من جديد،
و هُناك علاقات توقعنا منها الكثير
و وجدنا منها القليل، فمن أكرمك أكرمه،
و من إستهان بك أكرم نفسك عنه ..
و أما مَن اشترى خاطِرنا و لو بشقِ تمرة،
اشترينا له الدُنيا و ما فيها
إذا لم تتمكن من التحكم في أفكارك وعقلك، فسيتولى شخص آخر هذه المهمة. الناس يأتون ويذهبون، لذلك لا تتوقع أن يحبوك جميعًا، فهذه هي طبيعة الحياة. احرص على عدم مشاركة تفاصيل حياتك الشخصية مع الآخرين، فالكثير منهم لا يهتم، والبعض قد يتمنى لك الفشل. تعامل بلطف، ولكن تذكر عدم الاستسلام للضعف في شخصيتك. من الأفضل أن تكون غير محبوب بسبب صدقك، بدلاً من أن تكون محبوبًا نتيجة لنفاقك. أن تكون بلا أصدقاء أفضل من أن تكون محاطًا بأصدقاء سوء. تعلم كيف تكون وحيدًا، فالنضوج والقوة يأتيان من تلك الحالة. قد تكون أصعب لحظات حياتك هي أفضل معلم لك. وتذكر أن الشعور بالغيرة لا يجدي نفعًا، فأنت تمتلك بالفعل ما تحتاجه
لا تقارن حياتك بحياة الآخرين، فليس لديك معرفة بما واجهوه من تحديات في مسيرتهم. عِش حياتك بطريقتك الخاصة؛ فرغم أن الحياة قد تفتقر إلى العدالة، إلا أنها تحمل في طياتها الكثير من الخير. من لا يقدّر قيمتك لا يستحق وجودك في حياتك. صحيح أن المال ليس كل شيء، لكنه يسهم في حل العديد من المشكلات. احرص على إدارة وقتك بحكمة، فالكثيرون لا يستحقون استغراقك في التفكير برأيهم. في بعض الأحيان، يتطلب الأمر المجازفة، فلا يمكن تحقيق المكاسب من دون الجرأة. كن دائماً صبوراً، فربما تحدث أفضل المفاجآت في اللحظات غير المتوقعة. تذكر دائماً أن الحياة قصيرة، فعشها بالطريقة التي تريدها.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
19-05-2025 09:32 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |