بقلم : رهام الخزاعلة

في العام الماضي، حظيتُ بفرصة استثنائية لن أنساها ما حييت.

حيث تم ترشيحي من قبل وكالة سرايا التي اعمل بها كنت من بين اللذين من صعدوا على متن طائرة تابعة للقوات المسلحة الأردنية، في مهمة إنسانية سامية، تحمل الخير والحياة لأهالي غزة المحاصرين بالحرب والوجع.

منذ لحظة وصولي، شعرت أنني أدخل إلى مكان يحمل هيبة الوطن ونبضه.

استقبلني عدد من الضباط بكل لطف وترحيب، وشرحوا لي بتفصيل دقيق كيف يتم تجهيز المساعدات، وتثبيتها، وضمان سلامة إيصالها لأهلنا هناك.

كانت أعينهم تفيض بالجدية والرحمة، وقلوبهم معلقة على كل طرد يسقط في المكان الصحيح لإنقاذ روح، أو إطعام طفل، أو تضميد جرح.

عندما أقلعت الطائرة، كانت قلوبنا تحلّق قبلها نحو غزة. كنا نحمل في صدورنا رسائل الأمل من كل بيت أردني، ونرسلها عبر السماء إلى أرض محاصرة بالدمار.

وهناك، من فوق، رأيت بأم عيني معنى أن تكون جنديًا أردنيًا… لا تحمل السلاح فقط، بل تحمل خبزًا، ودواءً، وإنسانية.

القوات المسلحة الأردنية، بكل صنوفها، لا تنقل مساعدات فقط. بل تنقل شرف هذا الوطن، وموقفه الثابت تجاه القضية الفلسطينية، هم يعملون بصمت، وبتفانٍ لا يوصف، في ظروف جوية وأمنية معقدة، ورغم ذلك لم يتوقفوا يومًا عن أداء واجبهم؛ إنهم يسابقون الوقت والرياح، ويخاطرون بحياتهم من أجل أن تصل المعونة لأهلها، وتبقى فلسطين حيّة في ضمير الأمة.

الإنزالات الجوية الأردنية مستمرة منذ اليوم الأول للحرب، يومًا بعد يوم، دون كلل أو تراجع. ومع كل إنزال، هناك جنود خلف الكواليس يسهرون الليالي، ويُجهّزون الطائرات، ويودّعون أسرهم على عجل… لأن هناك من ينتظرهم على الجانب الآخر من الحدود، في غزة الصمود.

وإنني كصحفية، أقولها بكل صدق: مشاركتي في هذا الإنزال كانت نقطة تحول في حياتي. رأيت الحقيقة عن قرب، وعاينت النُبل الذي لا يُكتب في تقارير رسمية، بل يُحسّ في العيون المتعبة والأيدي العاملة. شكراً للقوات المسلحة الأردنية… أنتم لستم فقط درع الوطن، بل قلبه النابض بالخير