08-05-2025 09:14 AM
بقلم : خولة كامل الكردي
منذ أكثر من شهرين لم يدخل طعام وشراب إلى غزة، والجوع أضحى شبحا يجوب أرجاء القطاع بلا رحمة، وقلوب الغزيين يملؤها الحزن والأسى على عالم لا يكترث بمعنى الإنسانية التي لديها مقياس خاص عند هذا العالم الجاحد لا يناسب الأبرياء من أطفال ونساء وشيوخ غزة صار معظمهم يبيت بلا طعام. اللهم بضع لقيمات قليلة أو القليل من الماء، يروي أحد الغزيين أنه يسقى أولاده رشفات من الماء ومن قنينة واحدة صغيرة، فلا يستطيع المرء أن يتصور مدى شح الطعام والماء الحاصل في قطاع غزة، ومدى المعاناة التي يواجهها الأهالي للبحث عن طعام يسد رمق أطفالهم الجوعى، والعالم يجلس على كومة من قمامة «طعام» تم اهداره ورميه بذخا و إسرافا أو على سبيل التسلية و الترفيه.
في تقرير مؤشر هدر الأغذية الصادر عن الأمم المتحدة، أشار إلى أن أسرا وشركات ألقت طعاما أكثر من تريليون دولار، ويا للمفارقة 800 مليون شخص في العالم يعانون الجوع، وعقبت المديرة التنفيذية لبرنامج الأمم المتحدة للبيئة «أن هدر الطعام مأساة عالمية، سيعاني الملايين الجوع فيما يهدر الطعام في كل أنحاء العالم» وذات التقرير يشير إلى إهدار أكثر من مليار طن من المواد الغذائية، أي حوالي خُمس المنتجات المتاحة في السوق، أهدرت عام 2022 معظمها من جانب الأسر. (منقول من وكالة فرانس برس)
وإذا أردنا أن ننقل الصورة بشكل أوضح فإن ممارسات بعض المجتمعات تميل إلى إهدار الطعام بشكل مؤلم، ففي دولة كإسبانيا يمارس الناس هناك طقسا قد ألفوه من أسلافهم، وهو التقاذف بالبرتقال، وهذا الطقس يكلف أطنانا من البرتقال، والبرازيل تتخلص سنوياً من أطنان مهولة من القهوة في المحيط بحجة الحفاظ على أسعارها في السوق العالمي، أما الولايات المتحدة فالأميركيين لديهم عادة إلقاء قوالب الكعك على بعضهم بعضا، فاسأل نفسك أيها القارئ الكريم كم قالب كعك يتم هدره على سبيل المزاح والضحك، وعن هدر الطماطم حدث ولا حرج وغيرها الكثير من عادات سيئة تهين الإنسانية وخيرات الأرض، وإخوان لهم في الإنسانية في قطاع صغير من العالم يتضورون جوعا بحجج ومبررات واهية ووقحة.
ثم دعنا هنا نحصيها ونلقي نظرة على الدول الأوروبية الأكثر إتلافا للطعام، ففي الاتحاد الأوروبي تتصدر البرتغال قائمة الدول الأكثر إهدارا للطعام تليها إيطاليا، أما ألمانيا فتهدر ما يقارب 6 ملايين طن من الطعام، وفرنسا وبريطانيا بنفس القدر 5 ملايين طن من الطعام. وإذا تفحصنا الكمية التي تهدرها دول الأميركيتين فإن الولايات المتحدة الأمريكية تتلف ما يقارب 19 مليون طن من الطعام.
إن مأساة التجويع التي تتصاعد في قطاع غزة، والتي خلقتها حكومة نتنياهو اليمينية المتطرفة وغض الطرف من إدارة أميركية منحازة بشكل سافر للكيان المحتل فاقم الوضع سوءاً على الغزيين، فالحل بيد العالم أن يقف صفا واحدا بوجه نوايا نتنياهو ووزرائه العدوانية، لإيقاف هذه المقتلة والوحشية المستمرة منذ أكثر من عام ونصف، في حق أهل غزة الأبرياء والكف عن تبرير ممارسات وأعمال قوات الاحتلال الإسرائيلي الهمجية من قبل الغرب، والتي تزيد من كارثية الوضع الذي يعيشه أهل قطاع غزة، حيث بدأت نذور المجاعة تضرب القطاع وتطحن بطون الغزيين بقسوة، إلى أن ارتفع عدد الشهداء الذين يموتون جوعاً، خاصة الفئات الهشة من أطفال و حوامل ومرضى وذوي الاحتياجات الخاصة بصورة مقلقة للغاية كما تحذر منها العديد من المنظمات و المؤسسات الدولية والأممية.
فاللهم لطفك بأهل غزة، تخلى عنهم العالم واشتد الضيم عليهم، وكلنا على يقين بعدلك وفرجك القريب.
1 - |
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
|
08-05-2025 09:14 AM
سرايا |
لا يوجد تعليقات |