بقلم : د.حاكم المحاميد
في الزمن الذي تتكاثر فيه رياح الفوضى، وتتساقط فيه الأقنعة عن وجوه المارقين، يثبت الأردن، مرةً تلو أخرى، أنه وطن لا يُخترق، ودولة لا تُرهبها المؤامرات، وشعب لا تُزعزعه التهديدات. هو الأردن، بسهوله وجباله، بقيادته وشعبه، بتاريخه المجيد وحاضره الصامد، يقف كالطود، يواجه العواصف، ويجهض المخططات، بوعيٍ متقد، ويقظة لا تفتر.
لقد ظن المتربصون أن الليل يغري بالنفاد، وأن الصمت علامة ضعف، فكانت يقظة الأجهزة الأمنية الردّ الحاسم، والصاعقة التي أحرقت نواياهم قبل أن تلامس أرض هذا الوطن. رجالٌ لا يُشهرون السلاح عبثًا، بل يتقنون فنّ الصبر، ويتحركون بثقة العارف وهدوء الواثق. لا يتحدثون كثيرًا، لأن أفعالهم تتحدث عنهم، ولأن أمن البلاد ليس دعاية بل التزام وطني مقدس.
ما تم كشفه في الآونة الأخيرة من مؤامرة خبيثة، لم يكن الأول، ولن يكون الأخير. فالأردن يدفع ضريبة موقعه، ومكانته، وصوته العروبي الحر، لكنه لم يعتد التراجع. وما بين تهريب أسلحة وزعزعة الداخل وتحريك خلايا الظلام، كانت العيون الساهرة ترصد، وتحلل، وتسبق الفعل بردعٍ ذكيّ، يليق بوطن صنع من التحديات مجدًا.
ولأن خلف كل مؤسسة أردنية قيادة تُؤمن بالأمن القومي لا كملف طارئ، بل كعقيدة راسخة، فإننا نقرأ في تفاصيل ما جرى رسالة واضحة: الأردن ليس ساحة مكشوفة، بل قلعة مصانة، وجبهته الداخلية عصيّة على الاختراق، وشعبه كتفٌ إلى كتف مع جيشه وأجهزته، يردّ كيد الكائدين إلى نحورهم.
إن ما حدث ليس مجرد إحباط مخطط، بل رسالة وطنية مدوّية: نحن نعلم، نرصد، نواجه، وننتصر. هذه ليست مصادفة، بل ثمرة سنوات من البناء المؤسسي، والانتماء الصادق، والثقة المتبادلة بين القيادة والشعب. فكل محاولة تُحبط، هي شهادة حيّة على أن الدولة الأردنية ليست فقط قائمة، بل قوية، ومستعدة، وماضية في نهجها السيادي بلا تردد.
وسيبقى الأردن، بهيبته ورجاله، محصنًا من الداخل، صلبًا في المواقف، شامخًا في المحن، وسيبقى علمه مرفوعًا عالياً.
* محافظ سابق