حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,30 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 23867

د. غالب الشاويش يكتب : لو عشت الدهر كله

د. غالب الشاويش يكتب : لو عشت الدهر كله

د. غالب الشاويش يكتب : لو عشت الدهر كله

02-05-2016 09:53 AM

تعديل حجم الخط:

سرايا - أقف أمام هذه العبارة لأحد الحكماء ، فأجد أن الناس مختلفون : حكاما ومحكومين . فناس الأمس غير ناس اليوم ، وحكام الأمس ، غير حكام اليوم ، إلا من رحم ربي .
كان الإمام ناصر بن مرشد اليعربي رحمه الله حاكما على عُمان ( ت ـ 1640 م) يعطى نفقته من بيت مال المسلمين، ولم يكن لأهل بيته قدر يطبخون عليه الطعام.
فأرادت زوجته أن تشتري قدرا لبيتها ليكون حالها كحال سائر الناس ، ولكن ماذا تصنع ولا مال لديها لشراء القدر ؟
أخذت هذه المرأة تنقص من النفقة - المفروضة للإمام من بيت المال - كل يوم قدرا يسيرا إلى أن جمعت مبلغا من المال يكفي لشراء القدر ، وفعلا حققت مناها بشراء القدر. ولكن أتدرون ماذا صنع الإمام لما رأى القدر ؟
سأل الإمام ناصر زوجته لما عاين القدر : من أين لك هذا القدر ؟
فأخبرته امرأته بما صنعت. فقال لها : أتستعملينها وهي لبيت مال المسلمين ؟
وحينئذ ما كان من الإمام ناصر إلا أن أمر وكيل بيت المال أن ينقص من نفقتهم قدر ما كانت تنقص زوجته، أتدرون لماذا ؟
لأنه رأى أن ذلك المال زائد عن حاجته ، وأن مصالح المسلمين أولى به .
حاكم المسلمين لا يوجد في بيته قدر لصنع الطعام!
أترون الرعية بعد ذلك يرتعون في مال بيت المسلمين وهم يرون أميرهم وإمامهم يعف ليس عن الحرام فحسب !! بل عما زاد عن حاجته - وإن كان حلالا مباحا في حقه - ؟
فما أحقك يا إمام بمقولة الإمام علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : " يا أمير المؤمنين ، عففت فعفوا ، ولو رتعت لرتعوا."
وقبله سعيد بن عامر الذي كان واليا على حمص في زمن الخليفة عمر بن الخطاب ، فجاءه وفد من أهالي حمص ، فطلب منهم الخليفة عمر أن يكتبوا له أسماء الفقراء ، فكتبوا من ضمن الفقراء أميرهم ( سعيد بن عامر ) ، فسألهم عمر : من هو سعيد بن عامر ؟ فقالوا أميرنا ، فتعجب عمر ! أميركم فقير ؟ فأجابوه : نعم ، إنه لا يوقد في بيته نار . بكى عمر ،
ثم أعطاهم صرة فيها ألف دينار ، فعندما سلم الوفد المبلغ له قال : إنا لله وإنا أليه راجعون
كأن مصيبة قد وقعت عليه . سألته زوجته: هل وقع مكروه للمسلمين ؟ قال: لا ، ولكن دخلت علي الدنيا لتفسد آخرتي ، فما كان منه إلا أن وزع المبلغ على فقراء المسلمين .
هذان نموذجان من حكام المسلمين عاشا لشعبهما ، ولم يعيشا لأنفسهما ؛ لأنهما اتخذا شعارا في الحياة الدنيا من الحكمة التي تقول : لو عشت الدهر كله ، ونلت النعيم كله ، وأبعد الله عنك الهم كله ، والشر كله ، كل ذلك لا يساوي مبيت ليلة واحدة في القبر .
فهل اقتنع أصحاب النعيم المنهوب والمسروق من جيوب الشعوب بهذه الحكمة ؟ أما سمعوا بقول الله ـ عز وجل ـ (ذَرْهُمْ يَأْكُلُوا وَيَتَمَتَّعُوا وَيُلْهِهِمُ الْأَمَلُ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ ) وما بعد التمتع؟
) . ( كُلُوا وَتَمَتَّعُوا قَلِيلًا إِنَّكُمْ مُجْرِمُونَ). قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ (

أ. د غالب محمد الشاويش
2/ 5/ 2016م .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 23867

إقرأ أيضا

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم