بقلم : الدكتور هيثم الربابعة
في التاريخ العربي، برزت العديد من الفارسات اللواتي إشتهرن بشجاعتهن ومهارتهن في الفروسية، وساهمن بشكل كبير في الحروب والدفاع عن قبائلهن وأوطانهن.
الفارسات العربيات تتميزن بمجموعة بالعديد من الصفات التي جعلتها رمزًا للشجاعة والقوة الإقدام في التاريخ العربي.
الشجاعة هي السمة الأساسية للفارسة العربية، حيث كانت تُظهر قدرًا كبيرًا من الجرأة والإقدام في ساحات المعارك، وتواجه الأعداء دون تردد، حتى في أصعب الظروف.

كانت الفارسة العربية تمتلك مهارات فائقة في ركوب الخيل واستخدام الأسلحة القتالية السيف والرمح. هذا التدريب المتقن جعلها قادرة على القتال بكفاءة كبيرة إلى جانب الرجال.

الفارسة العربية كانت غالبًا ما تتمتع بروح القيادة والحكمة في اتخاذ القرارات الحاسمة أثناء المعارك. كانت قادرة على تنظيم القوات وتحديد الإستراتيجيات المناسبة لمواجهة الأعداء.

كانت الفارسة مستعدة للتضحية بنفسها من أجل حماية قبيلتها أو أهلها. لم تكن تخشى المخاطر وكانت مستعدة للقتال حتى النهاية من أجل قضية تؤمن بها.

إلى جانب شجاعتها، كانت الفارسة العربية تُعرف بكرمها وعطائها. كانت تسعى دائمًا لمساعدة الآخرين، سواء في ميدان المعركة أو في حياتها اليومية.

كانت الفارسة متمسكة بالقيم والمبادئ العربية والإسلامية، مثل الشرف، الوفاء، والإخلاص. كانت تقاتل دائمًا من أجل قضية نبيلة وتحترم العهود والمواثيق.

هذه الصفات جعلت الفارسة العربية رمزًا للفخر والشرف في المجتمع العربي، وتركن إرثًا خالدًا في تاريخ الأمة.

تُعتبر "خولة بنت الأزور" من أشهر الفارسات في التاريخ الإسلامي والعربي.

و تعد "زينب الهلالية " هي إحدى فارسات قبيلة بني هلال، وقد عرفت بقصتها في حرب البسوس. حيث كانت زينب الهلالية ماهرة في القتال وفارسة خيل، وقد قادت جيشًا من النساء في معركة ضد أعدائها. و كانت محارب بشجاعة فائقة وتحظى بإحترام كبير بين رجال قبيلتها وأعدائها على حد سواء.

إضافة ل"صفية بنت عبد المطلب" عمة سيدنا النبي محمد ﷺ وأخت سيدنا حمزة بن عبد المطلب. ففي غزوة الخندق، عندما إقترب بعض المشركين من المدينة المنورة، عندها كانت صفية مع النساء والأطفال داخل الحصن الحصن، فرأت رجلاً من العدو يحوم حول الحصن. فنزلت وأمسكت عمودًا وقتلته بشجاعة، مدافعة بذلك عن شرف وكرامة ودماء المسلمين.

أما "عاتكة بنت زيد" من أكبر النساء شجاعة في عصر الرسول ﷺ. شاركت في غزوات عديدة مع المسلمين وكانت من أولئك اللواتي دافعن عن المدينة المنورة عند تعرضها للخطر .

البطلة الأردنية النشمية "تيريز هلسة" مناضلة أردنية فلسطينية معروفة بإصابتها لنتنياهو ، إذ قامت برفقة ثلاثة فدائيين بإختطاف طائرة تابعة لشركة "سابينا" البلجيكية في مطار بروكسل، كان على متنها 140 صهيونيا. وحين بدا أن العملية قد فشلت، رفضت تيريزا ورفاقها الإستسلام حينما هاجمت الطائرة فرقة خاصة من القوات الإسرائيلية تنكرت بهيئة أفراد من الصليب الأحمر، وكان بينهم رئيس الوزراء الصهيوني الحالي نتنياهو.

وأثناء الإشتباك أطلقت الفارسة تيريزا النار على نتنياهو فأصابته في كتفه، قبل أن تقع في الأسر عقب إصابتها.

وظلت المناضلة الأردنية في سجون الاحتلال حتى عام 1983، حين أطلق سراحها في صفقة تبادل.

" هدى عماش " العالمة العراقية والأكاديمية، أطلقت عليها قوات الإحتلال الأمريكي أبان إحتلال العراق، عدة ألقاب منها سيدة الجمرة الخبيثة.

وبعد دخول القوات الأمريكية المحتلة إلى بغداد شغلت الرقم 53 من أصل ال55 مطلوبا عراقيا على قائمة العراقيين المطلوبين للقوات الأمريكية. وكانت هي المرأة الوحيدة في هذه القائمة واتهمت هدى عمّاش بأنها من الشخصيات التي تحاول إحياء البرنامج النووي العراقي بعد حرب الخليج الثانية.

وشغلت هدى عماش منصب رئيس مجمع علم الأحياء الدقيقة العراقي في جامعة بغداد. وذكر المسؤولون الأمريكيون أن هدى عماش تدربت على يد ناصر الهنداوي الذي وصف بأنه «عراب برنامج الأسلحة البيولوجية العراقية»

تلك الفارسات تركن بصمة في التاريخ العربي والإسلامي بشجاعتهن وقيادتهن في الحروب، وكانت قصصهن تُروى للأجيال التالية كمثال على القوة والشجاعة.

الدكتور هيثم عبدالكريم احمد الربابعة
أستاذ اللسانيات العربية الحديثة المقارنة والتخطيط اللغوي.