حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,20 مايو, 2025 م
طباعة
  • المشاهدات: 7926

عمر المهيدات يكتب .. الممر الطبي الأردني - غزة .. إرادة ملكية تُجسِّد التضامن العربي فوق خرائط الصراع

عمر المهيدات يكتب .. الممر الطبي الأردني - غزة .. إرادة ملكية تُجسِّد التضامن العربي فوق خرائط الصراع

عمر المهيدات يكتب ..  الممر الطبي الأردني - غزة ..  إرادة ملكية تُجسِّد التضامن العربي فوق خرائط الصراع

18-05-2025 07:16 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : عمر المهيدات
في خضم الأزمات الإنسانية التي يمر بها قطاع غزة، يبرز الأردن كحاملٍ لراية الإنسانية بلا منازع، متحدياً تعقيدات الجغرافيا والسياسة، ليؤكد أن الدم العربي الواحد لا تقيده الحدود، ولا تُثنيه النزاعات عن مد يد العون. فمنذ اندلاع الحرب الأخيرة على القطاع، لم يتوانَ الأردن، بقيادة جلالة الملك عبدالله الثاني، عن تقديم كل ما في وسعه لتخفيف المعاناة عن إخوةٍ تربطهم به روابط الدم والتاريخ، في مسيرةٍ إنسانيةٍ تُجسد القيم الهاشمية الأصيلة، وتُدحض محاولات التشكيك التي حاول البعض نسجها حول دور المملكة ومواقفها الثابتة تجاه القضية الفلسطينية.

في هذا السياق، تُعتبر مبادرة "الممر الطبي الأردني – غزة" أحد أبرز التجليات العملية لهذا النهج الإنساني الراسخ. فبتوجيهات ملكية سامية، انطلقت المبادرة مطلع آذار 2025، بهدف إخلاء ألفَي طفل فلسطيني مريض من قطاع غزة لتلقي العلاج في المستشفيات الأردنية، بعد أن انهار القطاع الصحي تحت وطأة الحرب. ولم تكن هذه المبادرة مجرد قرارٍ عابر، بل إرادة سياسية وإنسانية جرى الإعلان عنها خلال لقاء جلالة الملك بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض، ليصبح الأردن بعدها جسراً للنجاة يُنقذ أطفال غزة من براثن المرض والموت المحتمل. فمنذ ذلك الحين، توالت عمليات الإخلاء الجوية والبريّة بتنفيذ مباشر من القوات المسلحة الأردنية، التي حوّلت الطائرات والمروحيات وسيارات الإسعاف إلى أدوات أملٍ تحمل الأطفال المرضى وذويهم من قلب المعاناة إلى رحاب العلاج. ففي الرابع من آذار، نقلت المملكة 29 طفلاً برفقة 44 من ذويهم، وفي الرابع عشر من أيار، أُخلي أربعة أطفال مصابين بالسرطان مع 12 مرافقاً، ليُضافوا إلى قافلة الحياة التي لا تتوقف.

ولا تقف الجهود الأردنية عند نقل المرضى، بل تمتد لتشمل تقديم الرعاية الطبية المتكاملة في مستشفيات حكومية وخاصة، تُدار بأيدي كوادر أردنية مختصة، لتعود بعدها القوافل محمولةً بالشفاء، كما حدث في الثالث عشر من أيار، حين عاد 17 طفلاً إلى غزة بعد استكمال علاجهم، في مشهدٍ يُجسّد اكتمال حلقة العطاء الأردني التي ترفض أن تكون مساعداتها استعراضاً مؤقتاً، بل التزاماً حقيقياً ينتهي حين يُمسك الطفل المُعالج بيد ذويه سالمًا.

لكن هذه المسيرة الإنسانية، رغم وضوح أثرها، لم تسلم من محاولات التشكيك الممنهجة، التي حاولت طمس دور الأردن المحوري، أو تسويق رواياتٍ مغلوطةٍ عن مواقفه. إلا أن الوقائع تُجيب نيابةً عن كل سؤالٍ مريب: فالأردن، الذي أقام مستشفيات ميدانية في غزة منذ الأيام الأولى للحرب، والذي حوّل سماءه وأرضه إلى ممراتٍ لإغاثة المنكوبين، لا يحتاج إلى شهاداتٍ لتأكيد صدقيته. لقد ظلّت المملكة، وعلى مدى عقود، حاضنةً للقضية الفلسطينية، وحاميةً لحقوق شعبها، حتى في أحلك الظروف، وهو ما تؤكده اليوم استمرارية الجسر البري الذي ينقل المساعدات الغذائية والدوائية، والجسر الجوي الذي يُنزل الإغاثة من السماء، ومبادرات مثل "استعادة الأمل" لتركيب الأطراف الاصطناعية، التي تُعيد الحياة إلى أجسادٍ شوّهتها الحرب.

إن محاولات تشويه صورة الأردن، أو التقليل من جهوده، لا تنطلق إلا من أجنداتٍ تدرك أن المملكة، بثباتها، تُذكر العالم بأن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراعٍ سياسي، بل معاناة إنسانية تحتاج إلى ضميرٍ حي. فالأطفال الذين يُنقذهم "الممر الطبي" اليوم هم رسالةٌ مفادها أن الأردن لم، ولن، يتخلّى عن كونه شريكاً أساسياً في صناعة الأمل، حتى عندما تُغلِق الحروب الأبواب، وتنفد الأسباب. هنا تكمن القوة الناعمة لمملكةٍ تؤمن بأن السلام الحقيقي يبدأ بإنقاذ روحٍ واحدة، وأن الحقوق لا تُنتزع إلا بالعدالة، وبقدرة المُضطهد على النهوض من جديد.

وفي الوقت الذي تُحاول فيه رياح التشكيك العاتية اقتلاع جذور التضامن العربي، يقف الأردن كشجرة وَارِفةٍ تتحدى العواصف بجذورها الضاربة في أرض الإنسانية، وفروعها الممتدة إلى قلب غزة. فكل طفلٍ عاد إلى أهله مُحَمَّلاً بالشفاء، وكل شاحنةٍ اخترقت الحواجز حاملةً بين جنباتها نبض الحياة، وكل طلعةٍ جويةٍ كتبت بسطور النور فوق سماء المعاناة، هي شهادةٌ تُدوّن في سِفر التاريخ بأن الأردن لم يكن—ولن يكون—سوى حارساً أميناً للقيم العربية الأصيلة. فما قيمةُ الضجيج الإعلامي الزائف أمام صمت الإنجازات التي تتحدث بلغةِ الأمل؟ إنها إرادةُ قيادةٍ هاشميةٍ تُحوِّلُ التحديات إلى فرصٍ للعطاء، وتجعل من كل خطوةٍ على درب الإغاثةِ إجابةً قاطعةً: الأردنُ باقٍ في قلوبِ غزة، كما غزة باقيةٌ في ضميرِ الأردن.








طباعة
  • المشاهدات: 7926
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
18-05-2025 07:16 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
ما مدى رضاكم عن أداء وزارة المياه والري بقيادة الوزير المهندس رائد أبو السعود؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم