بقلم : روشان الكايد
مع تصاعد الأحداث في المنطقة، تحاول بعض الأطراف الدولية والإقليمية جرّ سوريا إلى صراعات تخدم مصالحها الاستراتيجية، في محاولة لإعادة إنتاج سيناريو العراق بعد سقوط نظام صدام حسين .

ولكن، رغم التشابه الظاهري في بعض الظروف، فإن الواقع السوري يختلف جوهرياً، مما يجعل من المستبعد تكرار ما حدث في العراق داخل سوريا .

تسعى جهات معادية لسوريا إلى زجّها في دوامة اقتتال داخلي ، بهدف تبرير تدخل غربي جديد تحت ذريعة "مكافحة الإرهاب" و"إعادة الاستقرار" .

هذا التكتيك ليس جديداً ، فقد شهدناه في العراق حين تم استخدام الحرب كذريعة لإسقاط النظام ، ومن ثم تم تسليم السلطة إلى قوى طائفية مدعومة من الخارج، ما أدى إلى إضعاف البلاد وتفكيك نسيجها الاجتماعي ونهب ثرواتها واضعافها سياسياً واقتصادياً .

اليوم، يتم الدفع باتجاه سيناريو مشابه في سوريا، حيث يُراد دفع القيادة السورية نحو مواجهة عسكرية مباشرة، ما يفتح المجال أمام تدخل دولي يهدف في النهاية إلى تغيير المعادلة السياسية وتسليم السلطة إلى قوى موالية لمشاريع خارجية أو تفتيت الدولة إلى دويلات، من أجل المصالح .

التخادم الشيعي – الغربي أصبح استراتيجية مكشوفة

أحد العوامل التي ساهمت في انهيار العراق كان التحالف غير المعلن بين القوى الغربية وبعض الفصائل الشيعية، حيث استُخدمت هذه الجماعات كأداة لإضعاف الدولة العراقية وإعادة تشكيلها بما يخدم المصالح الأمريكية والإيرانية على حد سواء .
اليوم، تتكرر المحاولات لاستخدام نفس الاستراتيجية في سوريا، ولكن بوعي مختلف لدى السوريين، الذين أدركوا أبعاد هذا التخادم وأصبحوا أكثر حذراً من الانجرار إلى الفخ نفسه .

لماذا لن ينجح المخطط ؟؟

الوعي الشعبي والتجربة السابقة

الشعب السوري، بمختلف أطيافه، بات مدركاً لحجم المخاطر التي تتهدد بلاده، وشاهدنا هبة الشعب في أحداث جبلة ، فالشعب السوري ليس ساذجاً أمام المشاريع الخارجية .

تجربة العراق شكّلت درساً قاسياً جعل السوريين أكثر حذرًا في التعامل مع المؤامرات الدولية .

التوازنات الإقليمية والدولية
سوريا ليست جزيرة معزولة ، بل هي جزء من معادلة إقليمية معقدة، التحالفات الحالية، وخاصة مع بعض الدول تجعل من الصعب فرض سيناريو شبيه بالعراق ، حيث كانت واشنطن صاحبة اليد العليا في إدارة المشهد .

وختاماً، المؤامرات التي تحاك ضد سوريا ليست جديدة لكنها تواجه اليوم وعياً مختلفاً عن ذلك الذي كان سائداً في العراق قبل الغزو .

المحاولات لدفع سوريا إلى حرب استنزاف جديدة باءت بالفشل حتى الآن، وسيكون من الصعب على القوى المعادية إعادة إنتاج السيناريو العراقي في سوريا، لأن الظروف والتجربة والوعي الشعبي لم تعد كما كانت قبل عقدين من الزمن .