حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,8 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 11751

قراءة في خطاب الرئيس الفلسطيني

قراءة في خطاب الرئيس الفلسطيني

قراءة في خطاب الرئيس الفلسطيني

02-10-2011 01:24 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم :

  ألقى الرَئيس الفلسطيني محمود عباس يوم الجمعة الموافق للثالث والعشرين من شهر ايلول لعام 2011 خطابا امام الوفود المشاركة في الدوره السنوية السادسة والستين للجمعية العامة للامم المتحدة، تقدم فيه بطلب عضوية الدولة الفلسطينية لتكون فلسطين الدولة التي تحمل الرقم 194 إن تمت الموافقة على هذا الطلب من قبل اعضاء مجلس الامن الدولي .

سواء كنا نتفق أو نختلف مع الرئيس الفلسطيني إلا أن الخطاب المذكور فيه الكثير من المفردات والجمل ذات الدلالات التي نعتقد أنها كانت مقصودة مما أعطى الخطاب قوة وجعل وقعه على النفوس أكثر ايجابية.

وقد ساعد الرئيس في ذلك وقفته التي بدت متماسكة وتحمل معاني الثقة بالنفس والاعتداد بالرأ،ي وكذلك وتيرة صوتة التي بدت مرتفعة وواثقة رغم علمه المسبق بأن طلب العضوية إن توفر له النصاب القانوني سيصطدم بالفيتو الامريكي، الذي كنا اشرنا اليه في مقالة سابقة بعنوان " الدولة الفلسطينية والفيتو الامريكي، والذي اكدنا فيه في حينه أن امريكا لن تدع الطلب يمر وستستخدم حق النقض لاجهاض الطلب الفلسطيني وبنينا موقفنا على الإنسجام التاريخي بين الموقفين الأمريكي والإسرائيلي ،رغم تأكيدات اوباما ومن سبقه من الرؤساء الأمريكيين على حل الدولتين .

تضمن الخطاب الكثير من الجمل التي تحدثت عن معاناة الشعب الفلسطيني وهذا امر طبيعي جدا، إذ لا يمكن أن يذكر هذا الشعب في أي مكان أو أي زمان ، دون ان يقترن ذكره بذكر المعاناة والعذابات والآلام .وليضع العالم أمام مسؤولياته على اعتبار أن هذا الشعب هو الوحيد الذي مازال تحت الإحتلال ، وهو كغيره من الشعوب يستحق الإستقلال .

عباس أبقى الباب مفتوحاً للمفاوضات مع اسرائيل الا انه اشترط اولا ً ان يكون الإعتراف بفلسطين كعضو في الأمم المتحدة كشرط مسبق للمفاوضات بالإضافة لتحديد مرجعية للمفاوضات ، وهذا يعني انه بعد عشرين عاماً من المفاوضات العبثية مع اسرائيل أدرك أنه سيجد نفسه بعد فترة وجيزة في واحدة من المعازل التي تسعى اسرائيل الى تكريسها على أرض الواقع، إضافة إلى محاولة طمأنة الجانب الآخر إلى ان المفاوضات هي الخيار الإستراتيجي للشعب الفلسطيني .وأن الحصول على الإعتراف بالدولة ليس نهاية المطاف .

بل اراد أن تتم المفاوضات مع إسرائيل كدولة مقابل دولة ،مما سيساعده في المطالبة بتطبيق قرارات الامم المتحدة ذات العلاقة. ذكر عباس القدس الشرقية كعاصمة للدولة الفلسطينية المزمع إقامتها، وفي ذلك رسالة واضحة أمام الأمين العام ومندوبي الدول الأعضاء أولاً إلى الشعب الفلسطيني أن الإجراءات الإسرائيلية أحادية الجانب لا تعني أن الصورة الحالية للمدينة المقدسة هي الصورة النهائية .وفيه ثانياً إشارة للجانب الإسرائيلي ان جميع الإجراءات التي تتخذ بشأن القدس هي إجراءات باطلة ومرفوضة فلسطينيا وعربياَ وإسلامياَ على المستويين الشعبي والرسمي، باعتبار الدولة الفلسطينية دون القدس كالجسد بلا روح .

قال الرئيس الفلسطيني أنه يتحدث باسم منظمة التحرير الفلسطينية ،وبإسم الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة وفي الشتات، ليشير أنه يمثل الفلسطينيين بكافة اطيافهم وعلى مختلف مستوياتهم، وفي مختلف أماكن تواجدهم محاولا إقناع العالم انه يتحدث باسم جميع اللفلسطينيين المقدر عددهم بالإثني عشر مليونا، وان هؤلاء يستحقون دولة .

وليؤكد أن منظمة التحرير ما زالت قائمة وأنه من الممكن بعثها من جديد اذا ما فشل السعي للحصول على الموافقة على طلب العضوية , وتحدث باسم دولة فلسطين ليؤكد للعالم " وقد ذكر ذلك" ان مقومات الدولة موجودة وان فلسطين لديها ما يؤهلها ان تصبح دولة معترف بها ولها كامل السيادة لأن أركان الدولة متوفره. رفع عباس طلب العضوية أمام الجميع ليقول أن الطلب قد تم تقديمه اليوم ولا مجال للتشكيك بتأجيله، وقد كان في ذلك تعبير عن الفرحة وتحفيز لممثلي الدول للإستجابة للطلب. وفيه أيضا إشارة ان الكرة الآن في ملعب الجمعية العامة التي ستلقى بها الى ملعب مجلس الأمن بعد الموافقة عليها وتمكن عباس بذلك من تسجيل هدف بعزل الوفدين الامريكي والإسرائيلي حيث بديا وكأنهما يغردان خارج السرب.

قال الرئيس الفلسطيني , وهو يدرك مسبقا ان الطلب سيتم رفضه جملة وتفصيلا من الولايات المتحدة الأمريكية واسرائيل ( لا اعتقد ان أي كان لديه ضمير او وجدان يمكن أن يرفض انضمامنا للأمم المتحدة .) وهذا موقف واضح فية دلالة أن الصوت الأمريكي الذي سيستخدم حق النقض في مجلس الأمن ، بالأضافة لمن سينكر على الشعب الفلسطيني حقه في إقامة دولته المستقلة هو صوت بلا ضمير. أشار عباس قبل القراءة والتصويت انه تم الحصول على الموافقة 126 دولة وهم يمثلون ثلثي عدد الدول الأعضاء تقريبا ليقول ان اغلب العالم معنا , وان الموقف الأمريكي والإسرائيلي المعلن مسبقا، سيكون ضد الرأي العام العالمي وضد تطلعات الشعوب في الحرية والإستقلال .

حاول الرئيس الفلسطيني لفت نظر العالم الى المذابح التي تعرض لها الشعب الفلسطيني، مثل مذبحة صبرا وشاتيلا لتحريك الضمير العالمي ، وهو يطمح للتصويت على عضوية فلسطين في الأمم المتحدة ن ليكون وكزة لمن مازال موقفه مترددا وفي ذلك تشجيع للمترددين على الزحف نحو الأمام . إشارة الخطاب الى الربيع العربي لم تكن عبثية- كما هي المفاوضات مع اسرائيل- فقد أراد إرسال رسالة مفادها أن فشل المفاوضات إن تبعه فشل الحصول على الدولة قد يجعل لهب الربيع العربي الذي قد يطال السلطة الفلسطينية حيث ستتزعزع أركانها وتعم الفوضى في الأراضي الفلسطينية، وعندئذ لن تجد اسرائيل من تنسق معه للحصول على الأمن .

ونقرأ في ذلك أيضا ما يفيد أن لهيب الإنتفاضة الثالثة إذا ما اختلط باللهيب العربين سيكون قويا لا يمكن توقع نتائجه. وأنه بلا شك سيطال اسرائيل لأن الشعب الفلسطيني بإسناد عربي يكون في حينه قد وصل لحالة من اليأس والإحباط تخلق منه أسداً ذو مخالب فولاذية طويلة إن استخدمها سوف يكون لذلك نتائج لا تحمد عقباها.

قال عباس ان مأساة الشعب الفلسطيني، ولدت مع ولادة الأمم المتحدة . وهذه الكلمات تحمل مضامين عديدة ، أهمها ان قرار الأمم المتحدة الإعتراف بإسرائيل كان على حساب الشعب الفلسطيني، وان عمر المأساة الفلسطينية قد طال به الزمن ، وقد آن الأوان لوضع حد لها, وأن الدول ذاتها التي اوجدت إسرائيل هي المسؤولة عن هذه المأساة فعليها أن تتحمل مسؤولياتها بهذا الإتجاه .

أشار الرئيس الفلسطيني في خطابه إلى قضية اللاجئين، دون أن يشير إلى حق العودة ، بل طالب بآيجاد حل عادل لقضية اللاجئين. وهذا الموقف يضعف الموقف الفلسطيني مسبقا في أي مفاوضات قادمة، وكان يجب أن يستثمر هذا البند كورقة رابحة تساعده في الضغط على إسرائيل ومن يساندها . ولكن هل ستقرأ المعارضة الفلسطينية الخطاب على النحو الذي أراده محمود عباس . بالتأكيد لن تقرأ المعارضة الفلسطينية القراءة التي يريدها عباس بل ستقرأوها كما تريدها هي ،وهي محقة في ذلك ولها أن تقرأ القراءة التي تناسبها.

وموقفها الصلب يساند الموقف الفلسطيني فخطاب المعارضة وخاصة حماس هو خطاب تشكيكي ، يشكك في كل خطوة خطتها او تخطوها او ستخطوها السلطة الفلسطينية برآسة محمود عباس, ومن المتوقع أن ردة الفعل ستنسف النوايا قبل الكلمات , وسيتم حتما تحميل عباس مسؤولية التنازل عن الجزء الأكبر من فلسطين التاريخية , وهي الأراضي تم احتلالها عام 1948, علما ان حماس وغيرها من قوى المعارضة ، لم تمانع إقامة الدولة الفلسطينية في الضفة الغربية وغزة.إلا أن موقف المعارضة الرافض لكل المشاريع المطروحة لحل القضية الفلسطينية والمشكك في كل خطوات السلطة الوطنية الفلسطينية يمكن ان يسهم في بناء موقف فلسطيني أكثر صلابة في وجه الغطرسة الصهيونية .


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 11751
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
02-10-2011 01:24 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل يوسع الحوثيون نطاق ضرباتهم خارج البحرين الأحمر والعربي بعد تحذير الجماعة واشنطن من استهداف مصالحها بالمنطقة؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم