حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الثلاثاء ,21 مايو, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 7304

لغز «الأونروا»

لغز «الأونروا»

لغز «الأونروا»

01-02-2024 09:05 AM

تعديل حجم الخط:

بقلم : د. صلاح جرّار
ثمة أحداث غير منطقية في إقحام الأونروا (وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين) في العدوان الصهيوني المروّع على قطاع غزّة، فمنذ اليوم الأوّل لهذا العدوان والغارات الجويّة الوحشيّة على مراكز الأونروا ومدارسها لم تتوقف، وكذلك الاقتحامات المتكررة عليها وارتكاب أبشع الجرائم فيها حيث ارتقى فيها آلاف الشهداء وأصيب آلافٌ آخرون ممّن لجأوا إلى هذه المراكز والمدارس.

ومن الملاحظ في الوقت نفسه أنّ أشدّ الهجمات الصهيونية الوحشية تستهدف المخيّمات في غزّة مثل مخيّم الشاطئ ومخيم البريج ومخيم المغازي ومخيم النصيرات ومخيم جباليا ومخيم خان يونس ومخيم دير البلح ومخيم رفح، كما أنّ الهجمات والاقتحامات الصهيونية في الضفّة الغربيّة أيضاً تستهدف أكثر ما تستهدف المخيّمات الفلسطينية مثل مخيم جنين ومخيم شعفاط ومخيم عقبة جبر ومخيم الفارعة ومخيم الدهيشة ومخيم الأمعري ومخيم الجلزون وغيرها.

والذي لا شكّ فيه أنّ ثمة علاقة بين هذا الاستهداف الجنوني لمراكز «الأونروا» ومدارسها واستهداف مخيّمات اللاجئين الفلسطينيين في غزّة وفي الضفّة الغربيّة، فهي كلّها أدّلة على وجود حالة احتلال وتهجير ووجود غير شرعي لمن يحتلّ أراضي هؤلاء اللاجئين، كما أنّها جميعها تمثّل رموزاً لحقّ العودة أو أصواتاً للمناداة بالعودة إلى الأرض التي تمّ تهجير الفلسطينيين منها.

ولذلك فإنّ دولة الاحتلال الصهيوني ترى أنّه لايمكن لها أن تتخلّص من هذا الهاجس إلاّ بالتخلّص من هذه المخيّمات بتدميرها وتهجير أهلها خارج الأرض الفلسطينية، وما اصطحاب الجرافات مع القوات الصهيونية التي تقتحم هذه المخيمات في كل مرة إلاّ تعبير عن رغبة مكبوتة بمحو هذه المخيمات عن وجه الأرض حيث تقوم بتجريف الشوارع والبنى التحتية والمنازل.

إنّه ليس من باب المصادفة أن يتزامن هذا التواطؤ الأميركي والغربي على أهل غزة وفلسطين مع التواطؤ الغربي والأميركي على وكالة «الأونروا»، وليس من باب المصادفة أن يأتي اتهام الصهاينة لموظفين من الأنروا بالمشاركة في عملية طوفان الأقصى في اليوم التالي مباشرة لتأكيد محكمة العدل الدولية لقيام إسرائيل بعمليات إبادة في غزّة مستشهدة بتقارير وكالة «الأونروا»، لكنّ الشيء اللافت للنظر أن تسارع جميع الدول الغربية التي تموّل «الأونروا» إلى اتخاذ القرارات بوقف التمويل قبل أن تتحقق من صحة الادّعاء الإسرائيلي، مع العلم أن هذه الدول تدرك في قرارة أنفسها أنّ الادّعاءات الإسرائيلية كاذبة، وهذا يؤكد أنّ هذه الدول متواطئة مع الكيان الصهيوني أوّلاً في العدوان على غزة وفي استهداف المخيمات في غزة والضفّة، وثانياً في تعطيل عمل «الأونروا» في مساعدة اللاجئين الفلسطينيين، والدليل على ذلك أنّه في اليوم التالي لليوم الذي استكملت فيه هذه الدول إعلانها عن وقف دعمها للأونروا استأنف الجيش الصهيوني في غزة قصف مدارس «الأونروا» التي تؤوي النازحين في غزة وارتكب مجازر جديدة ضدّهم.

ويبقى السؤال: لم كلّ هذا التواطؤ الأميركي والغربي مع دولة الاحتلال لتعطيل عمل «الأونروا"؟ بالتأكيد ليس السبب هو ما ادّعاه الصهاينة من مشاركة بعض موظفي «الأونروا» في عملية طوفان الأقصى!

إنّ السبب الرئيسي لذلك التواطؤ الغربي مع الكيان الإسرائيلي هو أنّ عملية طوفان الأقصى وما تبعها من صمودٍ في المخيمات الفلسطينية كافة وإصرار الفلسطينيين على المطالبة بحقّ العودة وتحرير فلسطين، مع الفشل الصهيوني أمام محكمة العدل الدولية وأمام الجمعية العامّة للأمم المتحدة، كل ذلك أثبت أنّ الهدف الذي أنشئت من أجله وكالة «الأونروا» في عام 1949 في أعقاب حرب 1948 أثبت أنّه هدفٌ غير قابل للتحقيق، والهدف هو: تدجين أهالي المخيّمات من خلال سدّ بعض رمقهم بالمساعدات الأساسية التي تقدمها «الأونروا» لهم، من أجل أن يعيش الكيان الصهيوني المحتلّ آمناً مطمئناً. ولمـّا لم تتمكّن «الأونروا» من تحقيق هذا الهدف فقد أصبحت هي نفسها هدفاً لتلك الدول التي تبحث عن سلامة الكيان المحتلّ واستقراره، تماماً كما أصبح اللاجئون الفلسطينيون والمخيّمات الفلسطينية هدفاً للاحتلال الصهيوني والدول الداعمة له.

ولئن كان إيقاف الدول الغربية دعمها لـ"الأونروا» قد كشف حقيقة ما كانت تسرّه هذه الدول مع تآمر على فلسطين واللاجئين الفلسطينيين، فإنه قد كشف في الوقت نفسه عن عجز هذه الدول وعجز دولة الاحتلال أيضاً عن إخضاع الفلسطينيين أو تدجينهم، كما كشف عن تراجع ثقة هذه الدول وثقة دولة الاحتلال بالبقاء الآمن في أرض فلسطين.

Salahjarrar@hotmail.com


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 7304
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
01-02-2024 09:05 AM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
هل ستشارك في الانتخابات النيابية
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم