حرية سقفها السماء

وكالة سرايا الإخبارية

إبحــث في ســــرايا
الأربعاء ,24 أبريل, 2024 م
طباعة
  • المشاهدات: 1118

الأدب العربي ومعضلة النقد

الأدب العربي ومعضلة النقد

الأدب العربي ومعضلة النقد

22-02-2023 03:56 PM

تعديل حجم الخط:

بقلم : علي القيسي
إن الحديث عن موضوع النقد عامة ، والنقد الأدبي خصوصا يحتاج الى الكثير من العلم والتجربة والثقافة الواسعة ،، فالنقد باللغة البسيطة يعني أن تبحث عن مايلفت انتباهك ويثير اهتمامك من الأشياء التي تمر أمام عينيك ،، فهناك الكثير في حياتنا اليومية والمعيشية والمجتمعية نعيشه ونتأثر به ويتأثر بنا ،، في تجربة الحياة ،، فالنقد يختلف عن الانتقاد كثيرا ، ، فالانتقاد قد يكون شخصيا لتصرف ما ،، أو لملاحظة خطأ واضح قد ينتج عنه أذى أو ضرر مادي أو معنوي ،، وهذا شائع في الحياة ،، أما موضوع النقد الأدبي والفني واللغوي والمنهجي والعلمي فهذا مانريد الحديث عنه في هذه الأمسية الجميلة ،،
الأخوة والأخوات الحضور
إن الحديث عن المناهج والمذاهب والمدارس النقدية حديث واسع وعميق ،، لانستطيع أن نحصره بمحاضرة واحدة وفي وقت محدود ،، لكنني سأتحدث عن كل ذلك بايجاز وفائدة واتناول المحاور التي تهم الكتاب والأدباء والشعراء ،، عندما نتكلم عن الأدب العربي القديم ،، نجد ان هذا الأدب كان أصيلا وعفويا ولا ينتظر من الآخرين النقد والتصوير ،، لأن أدباء العرب قديما كانوا هم من يقوم بفرز الأدب والشعر عامة فيما بينهم من خلال الفراسة والأصالة والتجربة ،،فلم يكن هناك مدارس علمية وفلسفية نقدية حديثة كما اليوم ،، فالنقد عشوائي ولكنه حصيف ورصين ،،ويتركز على اللغة تحديدا
وكان النقد في الماضي البعيد على الفطرة والسليقة لم يكن تحليليا وتفكيكيا ،، حتى القرن التاسع عشر فقد ظهرت في أوروبا المدارس النقدية الحديثة التي تعنى بكل شيء يخص الأدب والفن ،،وتعتمد على التحليل والتفسير والتقييم وقد برزت مدارس نقدية حديثة مثل المدرسة التفكيكية والبنيوية ،،مما جعل النقاد يتعلمون ويطبقون دراستهم على مناهج وأساليب هذه المدارس الحديثة ،، لقد تعددت الاتجاهات النقدية في العالم مع تقدم الحضارة والعلم والفلسفة ،، وبروز أسماء عالمية مبدعة في عالم الرواية والقصة والفن بشكل عام فمن النقاد الكتاب الكبار والشعراء الذين أثروا المكتبة الأمريكية والفرنسية والالمانية والروسية بمؤلفاتهم وكتبهم الابداعية والنقدية ومن النقاد الانجليز صموئيل جونسون
كولردج
والفرنسين ،،جاك دريدا ، جان بول سارتر ،، جوليا كرستينا
ومن روسيا الناقد بيلينسكي
وأهم النقاد العرب طه حسين ، وصلاح عبد الصبور والعقاد ،، وابراهيم خليل من الاردن ،، طبعا وهناك أسماء كثيرة من العرب والأردنيين ،، فالنقد الأدبي وظيفته تفسير وتحليل الأعمال الأدبية قاطبة ،،حيث يشترك في هذه العملية ذوق الناقد وفكره وموهبته ،، لتحديد مواطن الضعف والقوة والجمال والقبح في هذه الأعمال الأدبية ،،وتصويب مسيرة الأديب وتنبيه الى ما ينبغي عمله وتلافي الأخطاء التي ربما تكون هامشية أو أساسية ،، فهناك الكثير من الكتاب والأدباء لايروق لهم المس في جهودهم الأدبية ويعتبرون ذلك تدخلا من الناقد غير برئ ،، وهذا مايجعل النقاد الحقيقيين يعتذرون عن قراءة النصوص والروايات والتعليق عليها ،،سيما وأن أصحاب هذه المؤلفات تربطهم علاقات ودية مع بعض النقاد ،، للأسف على الساحة الثقافية الآن هناك مجاملات أدبية ،،بعيدا عن النقد الموضوعي ،،فمعظم النقاد باتوا يكتبون النقد الانطباعي أو التأثيري لأصدقائهم ولغيرهم ،،مما جعل الأدب في تراجع وهبوط ،، وقد ساعد ذلك على غزارة الانتاج الأدبي وانتشاره بعد وصول التقنية الطباعية وسهولة طباعة الكتب وانتشار دور النشر في كل مكان ،،
فالنقد يمر بأزمة كبيرة في ظل تراجع الابداع وضعف المستوى ،،إذ أصبح الناقد يجد صعوبة كبيرة في القيام بعمله ،، نظرا لأمور كثيرة غدت تأخذ أولوية بعيدا عن الابداع والجودة والتميز ،،فللأسف الجهات الرسمية صاحبة العلاقة مثل وزارات الثقافة في العالم العربي والهيئات الثقافية الأخرى ماعدا تدقق في المحتوى والمضمون كما كانت ،،فلا يوجد رقابة على المطبوعات والنشر ،، وماعاد الكتاب يشكل شيئا هاما كما كان في الماضي ،، وزد على ذلك تراجع القراءة والمطالعة والثقافة عند الناس ،، فالقراءة في تراجع خطير ،، بين الشباب وغيرهم من أفراد المجتمع ،،،
وعطفا على بدء يبقى موضوع النقد من المواضيع الاجتهادية التي تحمل وجهات نظر مختلفة ، فكل دراسة نقدية لها خصوصية وتعكس ثقافة الناقد ومدى تذوقه وتمكنه من فهم النص وابراز نقاط التوهج فيه ونقاط الضعف والانطفاء التي يلاحظها بفراسته وعلمه وثفافته وتعمقه للموضوع ،، فالنقد وجهات نظر في كثير من الحالات ولايمكن أن تتطابق دراسة وبحث نقدي مع آخر ،، ثمة عوامل وأسباب تجعل الباحث والناقد ينتهج مايناسبه من النص ،، ولايمكن للدارس أن يأخذ مثلا الرواية كاملة في التشخيص والتحليل والتفكيك ،، هو يأخذ مايستحق الاهتمام والانتباه ويلخص الرواية أو القصص باقتضاب وعمق بعيدا عن الحشو والتكرار والخروج عن السياق ،،نحن في زمن السرعة واستغلال الوقت ،،فخير الكلام ماقل ودل ،، هناك دراسات نقدية حديثة غدت تأخذ من العمل الابداعي زاوية معينة ،،مثلا الاسطورة ،،أو البعد الديني أو البعد التراثي أو البعد النفسي للشخوص في العمل الأدبي ،، وهذا تجديد في موضوع النقد الحديث ،، فلا داع أن تكتب كل الأحداث والأفكار وتدخل في تفاصيل لافائدة منها ،، وقد تبعث الملل والضجر لدى القارئ والمتلقي ،، وأيضا لاداعي للاقتباس الطويل والاستشهاد به ،، فهناك اختصار لكل هذا وذاك ،، لامانع من اقتباس بعض الأمور الغامضة للتوضيح والتأكيد أن كان هناك غرابة منطقية أو غير معقولة ومألوفة ،، لاتستطيع كناقد أن تقنع الكاتب بوجهة نظرك وتحليلك للنصوص التي كتبها بأنها سيئة وركيكة ولا تصل الى مستوى الابداع الحقيقي ،، لابد من أخذ الجانب الايجابي وتكثيفه ،، والنظر الى السلبيات بأسلوب التصويب والتوجيه ،،حتى لانحطم أحلام الأديب ونقمع ابداعه بنقدنا السلبي المباشر ،، فكم من الأدباء توقفوا عن الاستمرار والابداع بسبب قلم ناقد ،، وكم كاتب وأديب كان ضعيفا ولكن النقاد عملوا على تشجيعه ودعمه حتى تمكن من أدواته وثقافته وكتاباته ثم أصبح أديبا أو شاعرا يشارك اليه بالبنان والاحترام عندما نتحدث عن الاتجاهات النقدية الحديثة هذا لايعني أن الانسان العربي معني بذلك ،، ولا يعني أنه يحب أن يستمع الى محاضرات كهذه ،، فالقليل أيها الأخوة الذي يبحث عن الفكر والعلم والثقافة المفيدة ،،في عالم بات سطحيا استهلاكيا يعشق المظاهر والقشور وفي زمان غدا ماديا بامتياز ،، يبحث عن الرفاهية الحسية والترف والشهوة والمال والاعلام والشهرة واللقطة الصورية المدهشة ،، ثمة انزياح كامل عن الموروث الأدبي والأخلاقي في هذا العصر الذي يتسم بالسرعة والتقلب والتشويش ،، إن موضوع النقد والأدب وأين وصل به المطاف ،،لايبشر بخير ،،بعد ان تغيرت أسس التعليم والتربية البيتية ،، وبات كل شيء في تراجع واهمال ،،


لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "فيسبوك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "تيك توك" : إضغط هنا

لمتابعة وكالة سرايا الإخبارية على "يوتيوب" : إضغط هنا






طباعة
  • المشاهدات: 1118
 
1 -
ترحب "سرايا" بتعليقاتكم الإيجابية في هذه الزاوية ، ونتمنى أن تبتعد تعليقاتكم الكريمة عن الشخصنة لتحقيق الهدف منها وهو التفاعل الهادف مع ما يتم نشره في زاويتكم هذه.
22-02-2023 03:56 PM

سرايا

لا يوجد تعليقات
الاسم : *
البريد الالكتروني :
التعليق : *
رمز التحقق : تحديث الرمز
أكتب الرمز :
برأيك.. هل تكشف استقالة رئيس الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية وصول الردع الإسرائيلي لحافة الانهيار ؟
تصويت النتيجة

الأكثر مشاهدة خلال اليوم

إقرأ أيـضـاَ

أخبار فنية

رياضـة

منوعات من العالم